لقد ولدت ونشأت في كولومبيا، في أمريكا الجنوبية. وفي نوع البيئة الأسرية التي نشأت فيها، كان سماع لغتين والتحدث بهما أمرا طبيعيا؛ فقد كانت والدتي كندية ووالدي كولومبيا، وكان كل منهما يتحدث إلينا بلغته الأصلية.
7
يتمثل العامل الثاني ببساطة في أن وظائف معينة تتطلب معرفة عدة لغات واستخدامها، وقد ذكرنا بالفعل التجارة والأعمال المالية المختلفة. يتطلب أيضا كثير من المهن الأخرى معرفة العاملين بها للغتين أو أكثر؛ مثل: السياحة والسفر، ومجال الفندقة، والعمل الدبلوماسي، والأبحاث، والإعلام (بما في ذلك المراسلة الأجنبية)، ومجال الترفيه، وتدريس اللغات والتعليم الثنائي اللغة، والترجمتين التحريرية والشفوية، وتقديم المساعدات للدول النامية، إلى آخره. ومكان العمل في عصرنا الحالي في كثير من الأحيان ثنائي اللغة، إن لم يكن متعدد اللغات.
ثالثا: يؤدي عادة ضعف السمع أو الصمم إلى ثنائية لغوية في لغة الأغلبية (الإنجليزية في الولايات المتحدة على سبيل المثال)، وفي لغة الإشارة لدى مجموعة الصم الموجودة داخل الدولة أو المنطقة (لغة الإشارة الأمريكية في الولايات المتحدة على سبيل المثال).
8 (2) مدى انتشار الثنائية اللغوية
بناء على النقاش السابق بشأن اتساع مدى الثنائية اللغوية، يمكن للمرء التساؤل عما أدى إلى ظهور المفهوم الخاطئ التالي:
خرافة: الثنائية اللغوية ظاهرة نادرة
ربما يأتي هذا الانطباع الخاطئ من حقيقة أن المرء نادرا ما توجد لديه رؤية شاملة بشأن كم التواصل اللغوي الذي يحدث في العالم. وربما يكون السبب أيضا أن لدى بعض الناس تعريفات محدودة للغاية لمعنى الثنائية اللغوية (سنعود للحديث عن هذا في الفصل التالي). الأكيد أن الثنائية اللغوية موجودة فعليا داخل كل دولة في العالم؛ في جميع طبقات المجتمع، وفي كل الفئات العمرية.
إذا ، ما عدد الأشخاص الثنائيي اللغة الموجودين في العالم؟ على الرغم من عملي في هذا المجال لسنوات عديدة، فإنني لم أعثر بعد على إجابة جيدة لهذا السؤال. أزعم، مثل كثيرين، أن نصف سكان العالم - إن لم يكن أكثر - ثنائيو اللغة. لكن البيانات التي نريد جميعنا الحصول عليها في هذا الشأن غير متاحة؛ والسبب في هذا أن تحديد عدد مستخدمي لغة واحدة أمر بالغ الصعوبة فعليا (لاحظ مشكلة فصل اللهجة عن اللغة)، وأيضا لأن الدراسات الاستقصائية والإحصاءات السكانية لا تتفقان على نوعية الأسئلة التي يجب طرحها. فهل يجب سؤال الأفراد عن اللغات التي يعرفونها، أم التي يستخدمونها، أم التي تحدثوا بها منذ طفولتهم؟ هذا بالإضافة إلى أن الثنائية اللغوية والثنائية الثقافية أحيانا ما ينظر إليهما على أنهما ظاهرتان «تضعفان» المجموعة اللغوية أو الثقافية (فهل ينتمي الشخص الثنائي اللغة/الثقافة إلى المجموعة (أ) أم المجموعة (ب)؟)؛ ومن ثم، يكون من الأسهل طرح أسئلة بسيطة عن لغة واحدة وثقافة واحدة.
مع هذا، توجد بعض البيانات التي يمكننا استخدامها؛ على سبيل المثال: نشرت المفوضية الأوروبية تقريرا في عام 2006 يسأل الأوروبيين عن لغتهم الأم وعن معرفتهم بأية لغات أخرى. وفيما يتعلق بالسؤال عن اللغات الأخرى (باستثناء اللغة الأم) التي يجيد الخاضعون لاستطلاع الرأي (الذين كانوا من 25 دولة مختلفة) التحدث بها لدرجة تمكنهم من إجراء حوار بها، ذكر 56 في المائة منهم اسم لغة واحدة، ومن ثم يشير هذا إلى احتمال وجود ثنائية لغوية (حتى إن لم يكونوا يتحدثون باللغتين بصفة يومية)، وذكر 28 في المائة منهم اسم لغتين (مما يشير إلى احتمال كونهم ثلاثيي اللغة)؛ لذا على الأرجح يتسم أكثر من نصف سكان أوروبا قليلا بأنهم ثنائيو اللغة. وكما هو متوقع، فإن الدول التي تضم أكبر عدد من الأشخاص الثنائيي اللغة هي في الأساس الأصغر حجما، مثل لوكسمبورج وسلوفاكيا ولاتفيا وهولندا، ويجب أن نضيف إلى هذه الدول أيضا سويسرا التي لم تكن ضمن هذا الاستطلاع؛ إذ إنها رسميا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي. وبالأساس تكون الدول الأكبر حجما أحادية اللغة أكثر؛ على سبيل المثال: بريطانيا العظمى التي، مع ذلك، ذكر 38 في المائة من الذين خضعوا للاستطلاع منها قدرتهم على التحدث على الأقل بلغة واحدة أخرى بخلاف لغتهم الأم.
ناپیژندل شوی مخ