وأطرق يسري وهو يقول: أشكرك.
ثم خرج من الغرفة يفكر في هذه الحرية التي يتيحها له رئيسه.
الفصل السادس والثلاثون
نزلت فايزة ترافق أختها وفية وزوجها جميل إلى السينما في حفلة الساعة الثالثة، وكان جميل قد جاء في إجازة قصيرة سيعود بعدها إلى عمله بسفارة فرنسا. وقد كان يحرص في إجازاته أن يعوض زوجته عن غيابه بالإكثار من النزهة، وكان يحرص في أغلب الأوقات أن يصحب فايزة التي أصبح عمل زوجها الجديد يشغله عنها وقتا كبيرا.
كانت سيارة جميل التي يقودها بنفسه تسير بشارع فؤاد متخذة طريقها إلى السينما، وكانت وفية تجلس إلى جانبه وإلى جانبها تجلس فايزة. وكانت وفية تكتب لفايزة كلاما تمنعه السيارة أن يتضح، فلا تستطيع أن تقرأه، فلا تملك هي وأختها إلا أن تضحكا من هذه الأشكال العجيبة التي لا تستطيع أن تكون شيئا مفيدا. وأخيرا قالت فايزة: اسكتي حتى نصل ... ألا تتوقفين عن الكلام أبدا؟
وقبل أن تضحك الأختان انتابت فايزة حالة غثيان، وحملقت في وجه أختها ثم انثنت وقد وضعت يدها على وجهها وهي تتأوه في ألم، فقالت أختها في ارتباك: ما لك؟
وراحت فايزة في دوامة ولم تعن بأن تخبر أختها عما بها، وإنما راح عقلها يفكر أين تفرغ غثيانها في منجى عن عيون جميل بالذات، وفجأة فتحت حقيبة يدها وأفرغت ما بها دفعة واحدة في فستان وفية، ثم زادت من انثناء ظهرها وجعلت من الحقيبة وعاء.
أوقف جميل السيارة على جانب من الطريق، وقصد إلى مقهى وطلب كوب ماء، وعاد به إلى فايزة فتناولته في شكر.
وقالت وفية: جميل، ألا تعرف طبيبا نذهب إليه؟ - أعرف طبعا، ولكن الآن الساعة الثالثة والنصف. - ألا تعرف بيته؟ - سأكلمه بالتليفون.
وعاد جميل بالكوب الفارغ ليتكلم من تليفون المقهى، باحثا عن صديقه الطبيب.
ناپیژندل شوی مخ