143

ثم أبصرت الحقيقة

ثم أبصرت الحقيقة

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

ژانرونه

وطاعة الرسول لأنّ في هذا تعسفًا في التفسير، بل يكفي بيانًا لبطلان ذلك أن نقول بأنّ طاعة الرسول في حد ذاتها هي طاعة للرب الذي أرسله، غير أنّ الله ﷿ لم يذكر طاعته وحده سبحانه ويجعل طاعة الرسول مندرجة تحت طاعته بل أفردها لكي يؤكد على ركنين مهمين في عقيدة الإسلام (طاعة الله، وطاعة الرسول)، وإنما وجب ذكر طاعة الرسول بعد طاعة الله كشرط لدخول الجنة لأنّ الرسول مبلّغ عن الله وأنّ طاعته طاعة لمن أرسله أيضًا، ولمّا لم يثبت لأحد بعد رسول الله ﵌ جانب التبليغ عن الله، فإنّ الله ﷿ علّق الفلاح والفوز بالجنان بطاعة رسوله والتزام أمره دون الآخرين.
وثمت دليل قاطع يقطع على الشاك دربه ويزيل عنه الشك وهو قول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ (١).
فإنّ الله ﷿ أمر المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر منهم، لكنه جعل الرد عند التنازع إلى الله والرسول دون أولي الأمر، لأنّ الله ﷿ هو الرب، والرسول هو المبلغ عن الله وهو معصوم لا يخطئ في بيان الحق عند التنازع، أما أولو الأمر فليسوا بمعصومين وإلا لجعل الله الرد إليهم، لكن الله ﷿ أظهر بهذه الآية أنهم كسائر الناس يرجعون في التنازع إلى كتاب الله وسنة نبيه، وقد يكونون خصومًا لأحد ويكون الحق معه حين الرد إلى كتاب الله وسنة نبيه.
فأين يذهب القائلون بنظرية الإمامة من دلالة هذه الآية الكريمة؟!

(١) سورة النساء آية ٥٩

1 / 150