من غير وجههما رماهما بين الحجارة وقال: لا أتصدق إلا بالطيب ولا أرضي لغيري مالًا لا أرضاه لنفسي؟ فنقول: نعم ذلك له وجه واحتمال وإنما اخترنا خلافه للخبر والأثر والقياس.
أما الخبر: فأمر رسول الله ﷺ بالتصدق بالشاة المصلية التي قدمت فكلمته بأنها حرام إذ قال ﷺ (أطعموها الأسارى) قال الحافظ العراقي في تخريج هذا الحديث رواه أحمد وإسناده جيد.
ولما نزل قوله تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ كذبه المشركون وقالوا للصحابة: ألا ترون ما يقول صاحبكم يزعم أن الروم ستغلب فخاطرهم أبو بكر بإذن رسول الله ﷺ فلما حقق الله صدقه وجاء أبو بكر ﵁ بما قامرهم به قال ﵊: (هذا سحت فتصدق به) وفرح المؤمنون بنصر الله وكان قد نزل تحريم القمار بعد إذن رسول الله ﷺ له في المخاطرة مع الكفار.
قال الحافظ العراقي: حديث مخاطرة أبي بكر المشركين بإذنه ﷺ لما نزل قوله تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ وفيه فقال صلى الله عليه وسام: (هذا سحت فتصدق به) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة من حديث ابن عباس وليس فيه إن ذلك كان بإذنه ﷺ والحديث عند الترمذي وحسنه والحاكم وصححه دون قوله أيضًا: (هذا سحت فتصدق به).
وأما الأثر فإن ابن مسعود ﵁ اشترى جارية فلم يظفر بمالكها لينقده الثمن فطلبه كثيرًا فلم يجده فتصدق بالثمن وقال: اللهم هذا عنه إن رضي وإلا فالأجر لي.