177

Thematic Interpretation 2 - Al-Madinah University

التفسير الموضوعي ٢ - جامعة المدينة

خپرندوی

جامعة المدينة العالمية

ژانرونه

على هذا الجهد العظيم وهذا الأمر الجليل أجرًا مهما صغر، ومن أي لون كان هذا الأجر، ومع ذلك ترد عليه دعوته. وأمر آخر في دروس هذه الآية، وهو بشارة عظيمة لرسول الله ﷺ وللمؤمنين، ذلكم هو إثبات أن دعوة رسول الله ﷺ ليست خاصة بأهل مكة أو العرب أو الجزيرة العربية، إنما هي دعوة للعالمين كما قال سبحانه في التعقيب على القصة: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ (يوسف: ١٠٤) قال الله هذا لرسوله هنا في سورة "يوسف"، وقالها له في سورة "ص" وفي "التكوير" وفي سورة "القلم" قال له: ﴿وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ (القلم: ٥٢) وفي "الأنعام": ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: ٩٠) وفي "الأنبياء": ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: ١٠٧) وفي مطلع "الفرقان": ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ (الفرقان: ١). ولعلكم لاحظتم معي أن كل هذه السور التي ذكرت فيها كلمة "العالمين"، على أن "العالمين" حقل الدعوة الإسلامية، كل هذه سور مكية في وقت يطارد فيه المسلمون، إذ لا دولة لهم ولا سلطان، ومع ذلك يخبر الله رسوله أنه صاحب الرسالة العالمية، إذ كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث رسول الله ﷺ إلى الناس عامة. وبهذا تستطيعون أن تردوا على المستشرقين وأذنابهم، الذين ادعوا زورًا وبهتانًا أن محمدًا إذا قيل بأنه رسول، فإن الله قد أرسله إلى أهل مكة خاصة، ثم بدا له أن يوسع من مجال دعوته، فعرض نفسه على قبائل العرب، فلما وجد قبولًا عند الأوس والخزرج هاجر إليهم، وأخذ يحارب من حوله من قبائل العرب، فادعى أنه مرسل إلى كل العرب، ثم لما خضعت له الجزيرة العربية، وجاءته قبائلها في عام الوفود تعلن دخولها في الدين الجديد، عنّ له أن يراسل الملوك والأمراء خارج الجزيرة، وادعى أنه رسول إلى الناس جميعًا.

1 / 199