الإطلاق كان يكره القيام له، وقد نهى أصحابه أن يقوموا له وقال لهم: «لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضا» وهذا الحديث مروي عن أبي أمامة الباهلي ﵁، وقد تقدم ذكره قريبًا وتقدم أيضًا حديث أنس ﵁ قال: «ما كان شخص أحب إليهم من النبي ﷺ وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك» وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة عن أبي مجلز (١) قال: خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير فقال معاوية لابن عامر اجلس فإن سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار» وقد رواه البخاري في الأدب المفرد بإسنادين صحيحين على شرط مسلم وبوب عليه بقوله «باب قيام الرجل للرجل تعظيمًا» وبوب عليه أبو داود وعلى حديث أبي أمامة الذي تقدم ذكره بقوله باب الرجل يقوم للرجل يعظمه بذلك وبوب الترمذي على حديثي أنس ومعاوية ﵄ بقوله باب كراهية قيام الرجل للرجل.
وقد فرق النووي وغيره من العلماء بين القيام لأهل الفضل والخير وبين القيام لغيرهم فجازوه لأهل الفضل والخير ولم يجيزوه لغيرهم وهذا التفريق لا دليل عليه وفي الأحاديث التي تقدم ذكرها عن أبي أمامة وأنس ومعاوية ﵃، أبلغ رد على من قال بهذا التفريق، وقد قال إسحاق بن إبراهيم خرج أبو عبد الله يعني
(١) بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي اسمه لاحق بن حميد السدوسي.