The Story of Civilization
قصة الحضارة
خپرندوی
دار الجيل
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
ژانرونه
التاريخ، وهو يظهر في "القصاص" المذكور في القانون الروماني؛ والقصاص يلعب دورا كبيرا في تشريع حمورابي، وتراه في أمر "موسى" بأن تكون "العين بالعين والسن بالسن" وهو ما يزال كامنًا وراء الكثرة الغالبة من العقوبات القضائية حتى اليوم.
والخطوة الثانية نحو القانون والمدنية من حيث التصرف إزاء الجريمة هي الأخذ بالتعويض بدل الثأر، فكثيرا جدًا ما استعمل الرئيس سلطته أو نفوذه لكي يحافظ على حسن العلاقات بين أفراد جماعته - ليحمل الأسرة الراغبة في الأخذ بالثأر على أن تستبدل بالدم المطلوب ذهبًا أو متاعًا؛ ثم ما هو إلا أن نشأت "تَعْرِيفة" قانونية، تحدد كم من المال ينبغي أن يدفع ثمنًا للعين وكم للسن وكم للذراع وكم للحياة، وقد توسع حمورابي في تشريعه على هذا الأساس؛ وقد كان أهل الحبشة غاية في الدقة في العقوبة بالقصاص بحيث إذا سقط صبي من أعلى الشجرة على زميله وقتله، فإن القاضي يحكم بأن ترسِلَ الأم الثكلى ابنًا آخر من أبنائها ليسقط من أعلى الشجرة على عنق الصبي الذي اقترف الذنب أول مرة (٢٠)، والعقوبات التي تُقَدَّر في حالات التعويض، قد تختلف باختلاف جنس المعتدي والمعتدى عليه، وعمره ومنزلته، فالفيجيون - مثلًا - يعتبرون السرقة الطفيفة يأتيها إنسان من سواد الناس، أشنع إجراما من القتل يقترفه الرئيس (٢١) وهذا ما حدث طوال تاريخ القانون، ففداحة الجريمة كانت دائمًا تقل بعلو منزلة المجرم (^١) ولما كانت هذه الغرامات أو التعويضات التي تدفع اجتنابًا للثأر، تتطلب تقديرًا للجريمة وللتعويض بحيث يتلاءمان، اتخذت خطوة ثالثة نحو القانون وهي قيام المحاكم، حيث كان الرؤساء أو الكهنة أو الشيوخ يجلسون مجلس القضاة ليقضوا فيما ينشب بين الناس من خلاف، ولم تكن هذه المحاكم
_________
(^١) يجوز لنا أن نستثني من ذلك البراهما الذين اقتضاهم تشريع مانو أن يتحملوا عقوبة أعظم مما تنزل بأفراد الطبقات الدنيا على نفس الجريمة لكن هذا القانون لم يؤخذ به فعلا.
1 / 51