The Story of Civilization
قصة الحضارة
خپرندوی
دار الجيل
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
ژانرونه
في خلال القرون الطويلة وبسبب الرغبة في سرعة كتابتها، حتى أضحت شيئًا فشيئًا علامات تختلف في شكلها اختلافًا تاما عن الأشياء التي كانت تمثلها، فصارت بهذا رموزًا للأصوات لا صورًا للأشياء. ولنضرب لهذا مثلًا من اللغة العربية يوضح هذه الطريقة وهو صورة العين. فإذا افترضنا أن صورة العين قد صغرت وبسطت وصورت حتى لم يعد معناها العين نفسها بل كان هو الصوت الخاص الذي تمثله مع حركتها "وهو الفتحة في هذه الحالة" والذي ينطق به مع حروف أخرى في كلمات مختلفة كالعَسَل مثلًا، كان هذا شبيهًا بما حدث في اللغة السومرية (^١). ولم يخط السومريون الخطوة التالية في هذا التطور فيجعلوا الرسم ممثلًا للحرف وحده دون الحركة عنه حتى يمكن استخدام العلامة الدالة على العين في ألفاظ مثل عنب وعُرقوب ومعمل تختلف حركة العين فيها عن الفتحة. وظلت هذه الخطوة التي أحدثت انقلابًا عظيمًا في طرق الكتابة حتى خطاها قدماء المصريين (٥٥).
ويغلب على الظن أن الانتقال من الكتابة إلى الأدب تطلب عدة مئات من السنين. فقد ظلت الكتابة قرونًا عدة أداة تستخدم في الأعمال التجارية لكتابة العقود والصكوك، وقوائم البضائع التي تنقلها السفن، والإيصالات ونحوها؛ ولعلها كانت بالإضافة إلى هذا أداة لتسجيل الشؤون الدينية، ومحاولة للاحتفاظ بالطلاسم السحرية، والإجراءات المتبعة في الاحتفالات والمراسم، وبالأقاصيص المقدسة، والصلوات والتراتيل، حتى لا تبيد أو يدخل عليها المسخ والتغيير. ومع هذا فلم يحل عام ٢٧٠٠ ق. م. حتى كان عدد كبير من دور الكتب العظيمة قد أنشئ في المدن السومرية. فقد كشف ده سرزاك في مدينة تلو مثلًا،
(^١) هذا المثل من وضعنا. وأما المؤلف فقد ضرب مثلًا حرف b الإنكليزي ومركباته bee " النحلة"، being كائن. كذلك عدلنا الكلام في الفقرة التالية حتى يتفق مع المثل العربي. والمعنى رغم هذا التغيير واحد ويوضح ما يرمي إليه المؤلف. ولسنا نعد هذا تصرفًا في الترجمة بل نراه واجبًا ضروريًا للترجمة الصحيحة. (المترجم)
2 / 35