142

The Seerah - Lessons and Insights

السيرة النبوية - دروس وعبر

خپرندوی

المكتب الإسلامي

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م

ژانرونه

فافتتح عاصمة الوثنية، وحطم آلهتها، وهزم جيوشها، وتغلب على مؤامرات زعمائها، هل يصدق العقل آن ذلك كله قد تم خلال هذه الفترة القصيرة، ولم يكن مع رسول الله ﷺ حين ابتدأ هذه الدعوة إنسان لولا أن يكون الله من ورائها، يهيء كتائبها، ويوجه معاركها؟؟وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى؟ [الأنفال: ١٧]. لقد أنهى محمد بن عبد الله مأساة العرب الفكرية التي استمرت زهاء خمسمائة عام أو تزيد، وحرر العقل العربي من أغلال الوثنية وخرافاتها، وأنقذ الكرامة العربية من مهانة الوثنية وحقارتها، وفتح أبواب الخلود للعرب يدخلون منه ثم لا يخرجون، ولقد صدق رسول الله ﷺ حين قال: لا عزى بعدها للعرب، إما إنها لن تعبد بعد اليوم فقد ودعت جزيرة العرب حياة الوثنية إلى الأبد، وبلغ العقل العربي سن الرشد، فلم يعد يرضى بعودته إلى طفولته: طفولة الوثنية التي تحمل صاحبها على أن يضع جبهته عند أقدام حجارة صماء بكماء، ولقد قامت بعد وفاة الرسول ﷺ حروب وفتن، وادعى النبوة من ادعاها، وعارض القرآن من عارضه، ولكنا لم نسمع أن عربيًا واحدًا فكر في العودة إلى الوثنية وآلهتها، ذلك أن الراشد لن يعود طفلًا، وكل ذلك إنما تم بفضل محمد ﷺ ورسالته، فله على كل عربي إلى انتهاء الدنيا فضل الإنقاذ والتحرير، ثم فضل زيادة الهدى لشعوب الأرض من اتبع الهدى ومن أعرض عنه، وجل الله حين يقول:؟هو الذي بعث في الأميين رسولًا

1 / 158