The Seerah - Lessons and Insights
السيرة النبوية - دروس وعبر
خپرندوی
المكتب الإسلامي
د ایډیشن شمېره
الثالثة
د چاپ کال
١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م
ژانرونه
الأنصار، من بكائهم حين خطب النبي ﷺ فيهم، وكان مما قاله لهم: ألا تريدون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله ﷺ إلى رحالكم؟ فمن فضلوا صحبة رسوله وقربهم منه وسكناه بينهم على الأموال والمكاسب، أيصح أن يقال فيهم: إنهم إنما جاهدوا للأموال والمكاسب؟
ولا معنى لأن يقال: لماذا جعل الاسلام الغنائم من نصيب المحاربين، ولم يجعلها من نصيب الدولة كما في عصرنا هذا؟ لأن القول بذلك غفلة عن طبيعة الناس، وتقاليد الحروب في تلك العصور، فلم يكن الجيش الاسلامي وحده دون الجيش الفارسي أو الرومي هوالذي يقتسم أفراده أربعة أخماس الغنائم، بل كان ذلك شأن الجيوش كلها، ولو أن مجتهدًا اليوم ذهب إلى أن غنائم الجيش الاسلامي في عصرنا الحاضر تعطى للدولة، لما كان بعيدًا عن فقه هذه المسألة وفق مبادئ الاسلام وروحه.
ثانيًا: ... أن إغداق العطاء للذين أسلموا حديثًا، يدل على حكمة رسول الله ﷺ، ومعرفته بطبائع قومه، وبعد نظرة في تصريف الأمور، فهؤلاء الذين ظلوا يحاربون رسول الله ﷺ، ويمتنعون عن قبول دعوته، حتى فتح مكة، والذين أظهر بعضهم الشماتة بهزيمة المسلمين أول المعركة، لا بد من تأليف قلوبهم على الاسلام، وإشعارهم بفضل دخولهم فيه من الناحية المادية التي كانوا يحاربونه من أجلها، إذ كانوا - في الحقيقة - إنما يحاربونه وهم أشراف القوم إبقاء على زعامتهم، وحفاظًا على مصالحهم المادية، فلما
1 / 148