فهذا الحديث ظاهر في إخراج حديث النفس عن مطلق الكلام، ألا تراه قد فرّق بينه وبين حقيقة الكلام بقوله: "ما لم تكلّم به أو تعمل به"؟ فجعل الكلامَ الذي هو القولُ قسيمًا للعمل، غيرَ حديث النفس.
٥ - حديث معاذ بن جبل ﵁ قال:
يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس على وجوههم في النار -أو قال: على مَناخرهم- إلاَّ حصائدُ ألسنتهِم؟ " (٩).
قلتُ: فهذا بَيِّنٌ في أنَّ الكلام ما كان ألفاظًا منظومةً دالَّةً على معاني مفهومةٍ؛ لأنَّ المعنى المجرَّدَ الذي يقوم بنفس المتكلم لا يحاسَبُ عليه العبدُ -كما في الحديث السابق- وهذا بخلافِ ما نَطَقَ به اللسانُ فإنَّه