وقد دلَّ على وجوب محاسبة النفس قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: ١٨]، يقول تعالى: لينظر أحدكم ما قدم ليوم القيامة من الأعمال: من الصالحات التي تُنجِيه، أم من السيئات التي تُوبِقه؟
قال قتادة: «ما زال ربُّكم يُقرِّب الساعة حتى جعلها كغدٍ» (^١).
والمقصود أن صلاح القلب بمحاسبة النفس، وفساده بإهمالها والاسترسال معها.
فصل
وفى محاسبة النفس عدة مصالح:
منها: الاطلاع على عيوبها، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته، فإذا اطلع على عيبها مَقَتها في ذات الله.
وقد روى الإمام أحمد عن أبي الدرداء، قال: «لا يفقه الرجل كلَّ الفقه حتى يَمقُت الناسَ في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه؛ فيكون لها أشدَّ مقتًا» (^٢).
(^١) رواه ابن جرير في تفسيره (٢٣/ ٢٩٩).
(^٢) الزهد لأحمد (ص ١٣٤)، ورواه أيضًا عبد الرزاق (١١/ ٢٥٥)، وابن أبي شيبة (٧/ ١١٠)، وأبو داود في الزهد (ص ٢٢٨)، وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس (٢٣)، وابن جرير في تفسيره (١/ ٨)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٧/ ١٧٢ - ١٧٣)، من طرق عن أيوب عن أبي قلابة عنه، ورواه أبو نعيم في الحلية (١/ ٢١١) من طريق أحمد، والبيهقي في الأسماء والصفات (٦١٩) وابن عبد البر في جامع بيان العلم (٧٩٢) من طريق عبد الرزاق، قال ابن حجر في الفتح (١٣/ ٣٨٣): «رجاله ثقات إلا إنه منقطع».