وقال أبو الحسين (^١) الورّاق: «حياة القلب في ذكر الحي الذي لا يموت، والعيش الهني الحياة مع الله تعالى لا غير» (^٢).
ولهذا كان الفَوْتُ عند العارفين بالله أشدَّ عليهم من الموت؛ لأن الفوت انقطاع عن الحق، والموت انقطاع عن الخلق، فكم بين الانقطاعين؟!
وقال آخر: «من قرَّت عينه بالله تعالى قرَّت به كل عين، ومن لم تقرَّ عينه بالله تقطع قلبه على الدنيا حسرات» (^٣).
وقال يحيى بن معاذ: «من سُرَّ بخدمة الله سُرَّت الأشياء كلها بخدمته، ومن قرَّت عينه بالله قرَّتْ عيون كل أحد بالنظر إليه» (^٤).
ومن علامات صحة القلب: أن لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره؛ إلا بمن يَدُلُّهُ عليه، ويُذكِّره به، ويذاكره بهذا الأمر.
ومن علامات صحته: أنه إذا فاته وِرْده وجد لفواته ألمًا أعظم من تألُّم الحريص بفوات ماله [٢٢ ب] وفقده.
ومن علامات صحته: أنه يشتاق إلى الخدمة، كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب.