291

The Quranic Discourse to the People of the Book and Their Attitude Towards It: Past and Present

الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا

ژانرونه

المطلب الثاني: أمثلة على نقض العهود والمواثيق حديثًا:
أما الأمثلة على نقض أهل الكتاب للعهود والمواثيق والاتفاقيات في عصرنا الحديث فهي كثيرة جدًا، كون هذه الخصلة الذميمة هي من صميم أخلاقهم في كل زمانٍ ومكان كما تحدثنا سابقًا، وكأن نقضهم للعهود والمواثيق مع غيرهم قد أصبح خُلقًا متأصلًا فيهم، وصار دينًا يدينون به، وسلوكًا تمليه عليهم كتبهم المحرفة، فهم جميعًا لا يخلون من نقض العهود والمواثيق، فإذا لم ينقضها بعضهم نقضها البعض الآخر منهم، والبقية يوافقونهم على ذلك، هذا بالنسبة لليهود، وأما النصارى فهم تبع لليهود في ذلك، ويتضح ذلك من خلال مناصرتهم لليهود ومساعدتهم، والاعتراف بهم حديثًا.
وقد ذكر الأستاذ محمد عصمت بكر المتخصص في دراسة أخلاق أجيال بني إسرائيل: أن الدَّارس العارف بتاريخ اليهود يدرك أن الشرَّ داخلٌ في تركيبة دمائهم، ينتقل من جيل إلى جيل، فإذا تناولت جيلًا من أجيالهم في أي زمان أو مكان فإنه يتشابه كل التشابه مع الأجيال الأخرى.
فمن لم يعرف تاريخهم عليه أن ينظر إلى الحاصل منهم في الحاضر الملموس، يدرك أن الشر المتأصل في نفوسهم، لا يمكن أن يكون خلقًا عارضًا؛ بل هو سلوك متوارث عبر أجيالهم الأولى؛ فيقف بجلاء على تاريخهم، وإن لم يقرأ في كتاب أو يبحث في طيات التاريخ، ومن يعرف تاريخهم، ويعرف أخلاق أجيالهم الأولى، لا يتعجب أو يندهش لسلوكهم وأخلاقهم الشريرة في زماننا الحاضر" (١).
وسنكتفي هنا بذكر مثال من الأمثلة على نقض اليهود والنصارى للعهود والمواثيق في عصرنا الحديث، وذلك لنؤكد استمرارهم في ممارسة هذه الأخلاق الذميمة، وأنهم اتخذوا ذلك دينًا لا ينفكون عنه حتى يومنا هذا:
الفرع الأول: اتفاقية الهدنة بين العرب وإسرائيل في (١٠ يونيو ٨ يوليو ١٩٤٨ م)
إن من أبرز الأمثلة على نقض اليهود والنصارى للعهود والمواثيق حديثًا نقض اليهود لاتفاقيات الهدنة التي كانت بين العرب وإسرائيل في حرب عام: (١٩٤٨ م)، وهي من أهم الأمثلة في القرن العشرين؛ لأنه قد ترتب عليها أمور كثيرة جعلت اليهود يتغطرسون في الأرض، وذلك أثناء إعلانهم قيام دولة إسرائيل في أرض فلسطين المسلمة المحتلة.

(١) انظر: كتاب جذور الفتنة اليهودية أجيال بني إسرائيل الأولى، (ص: ٢٠٢) المؤلف: د/ محمد عصمت بكر، الناشر: دار النمير دمشق.

1 / 302