The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism
القرآن ونقض مطاعن الرهبان
ژانرونه
" لا يَذكرُ القرآنُ لماذا انبتذَتْ مريمُ العذراءُ من أَهلِها مكانًا شرقيًّا، واتخذَتْ من دونِهم حجابًا، قبلَ أَنْ تُبَشَّرَ بعيسى..
هل كانَتْ في مشاجرةٍ مع أَهلِها، وهم المشهورونَ بالتقوى؟
ولماذا تسكنُ فتاةٌ عذراءُ بَعيدًا عن أَهْلِها، مع أَنَّ القرآنَ
يقولُ: إِنها كانَتْ في المحرابِ في كَفالةِ زكريا؟
ويقولُ الإِنجيلُ: إِنَّ مريمَ كانَتْ في الناصرة، وهيَ مخطوبةٌ ليوسفَ النجار ".
يُنكرُ الفادي أَنْ تَكونَ مريمُ ﵍ -قد انتبذَتْ من أَهْلِها مكانًا شرقيًا، فلماذا تبتعدُ عنهم؟
هل اختلَفَتْ معهم؟
وهل طَردوها؟
وكيفَ ترضى أَنْ تبتعدَ عن الناس، وأَنْ تبقى وحيدةً وهي الفتاةُ العذراء؟
أَلا تخشى أَنْ يَبطش بِها أَو يَعتديَ عليها أَحَدُهم؟
وكيفَ قالَ القرآنُ في سورةِ مريم: إِنها انتبذَتْ من أَهْلِها
وابتعَدَتْ عنهم، مع أَنه هو نفسه أَخبرَ في سورةِ آلِ عمران أَنها كانتْ في
المحرابِ عند زكريا كفيلِها؟.
وتساؤلاتُ واعتراضاتُ الفادي لا معنى لها، والقرآنُ لم يَتناقَضْ في
حديثِه عن مريمَ ﵍.
أَخبَر في سورةِ آلِ عمران أَنَّ اللهَ كَفَّلَها زكريا وهي طفلة، وهو زوجُ
أُخْتِها كما ذكرنا، فنشأَتْ عنده ﷺ، وكانتْ عابدةً لله في محراب بيتِه ومكانِ صلاتِه، بينما كان يُؤَمِّنُ لها حاجتَها من الطعام.
قال تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧) .
وكانتْ مريمُ متفرغةً للعبادة، حيث ملأَتْ عليها وقْتَها، وأَنفقَتْ فيها
عُمْرَها، فلم تَلتفتْ إِلى غيرها.
ولعَلَّها لأَجْلِ هذه الغاية كانت تَنتبذُ عن أَهْلها، وتَذهبُ إِلى مكانٍ
هادِئ، تعتزلُ فيه مُتعبدة، وكان أَهْلُها يَعرفونَ ذلك، وكانوا عابِدين صالحين،
1 / 85