212

The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

ژانرونه

وقد أَباحَ اللهُ لرسولِه ﷺ أَنْ يتزوَّجَ مَنْ وَهَبَتْ نفسَها له، وجعلَ هذا الحكْمَ خاصًّا به، وليس عامًَّا لجميع المؤمنين، فقالَ لَه: (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) . وليس الأَمْرُ أَمْرَ عِشْقٍ وَهَوى كما زَعَمَ المفْتَري، فلا تهوى امرأةٌ مسلمةٌ رجلًا أَجنبيًّا، ولا تعشَقُه، حتى لو كانَ رسولَ الله ﷺ، والرسولُ ﵇ عنوانُ العفَّةِ والطهر، ولا يَقَعُ في هوى امرأةٍ أَجنبية! ولذلك كانَ الفادي مُفتريًا مُتوقحًا عندما قال: " يتزوجُ بأيةِ امرأةٍ تَهواهُ فتهبُه نَفْسَها، إِنْ وقعَ هو في هواها!! ". وتتحدَّثُ الآية ُ عن حالةٍ خاصة، لظروفٍ خاصة، وحكْمٍ خاصٍّ لرسولِ الله ﷺ.. روى البخاريُّ ومسلمٌ عن سهل بنِ سعدٍ الساعديّ ﵁ قال: إِنّي لفي القومِ عندَ رسولِ الله ﷺ، فجاءَتْه امرأةٌ، فقالَتْ: يا رسولَ الله إِنّي قد وَهَبْتُ نفسي لك، فَرَ فِيَّ رَايَكَ! فقامَتْ قِيامًا طويلًا، فقالَ رَجل: يا رسولَ الله! زَوّجْنِيها.. فقالَ رسولُ الله ﷺ: " هل عندَك من شيء تصدُقُها إِيّاه؟ " قال: لا. قال: " التمس ولو خاتَمًا من حَديد! " فالْتَمَسَ فلم يَجِدْ شيئًا، فقالَ رسولُ الله ﵇: " هل مَعك من القرآنِ شيء؟ " قالْ معي سورةُ كذا وسورةُ كذا.. قال: " زَوَّجْتُكَها بما مَعك من القرآن ". فرغمَ أَنَّ اللهَ أَباحَ لرسولِه ﵇ أَنْ يتزوَّجَ مَنْ وَهَبَتْ نفسَها له، إِلَّا أَنه لم يَتَزَوَّجْها، وإِنما زَوجَها لأَحَدِ أَصحابِه. ولم تتكررْ تلك الحادثةُ معه. وإِباحةُ الزواجِ للرسولِ ﵇ عن طريقِ الهبةِ خاصٌّ به، كما أُبيحَ له الزواجُ بأَكثرَ من أَربعِ نساء، وكان زَواجًا بدونِ وَليٍّ ولا مَهْر، وهذا لا يَجوزُ لغيرِه، مع أَنه زواجٌ لم يَتَحَقَّقْ!. ولهذا قالَ قَتادة: ليسَ لامرأةٍ تَهَبُ نفسَها لرجُلٍ بغيرِ وَليٍّ ولا مَهْر، إلّا للنبيّ ﵇، لقوله: (خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) . وقالَ ابنُ عباس ﵄: لم يكنْ عندَ رسولِ الله ﷺ امرأةٌ وَهَبَتْ نَفْسَها له.

1 / 220