The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses
السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية
ژانرونه
لأحد من قبل من الأنبياء والمرسلين أن يخبر الله تعالى بقرآن يتلى إلى يوم القيامة، أن الله وملائكته يصلون عليه! وهذا من التشريف العظيم الذي لم يعهد له نظير.
ثالثًا: وقيل ﴿وَمَلَائِكَتَهُ﴾ ولم يقل الملائكة إشارة إلى عظيم قدرهم ومزيد شرفهم بإضافتهم إلى لفظ الجلالة، وذلك مستلزم لتعظيمه ﷺ حيث إن العظيم لا يصدر منه إلا العظيم، ثم فيه التنبيه على كثرتهم، وأن الصلاة من هذا الجمع الكثير الذي لا يحيط بمنتهاه غير خالقه واصلة إليه ﷺ على مر الأيام والدهور مع تجددها كل وقت وحين، وهذا أبلغ تعظيم وأبهاه وأشمله وأكمله وأزكاه. (١)
رابعًا: أن الآية عبر فيها بالنبي، ولم يقل على محمد كما وقع لغيره من الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم كقوله لآدم: ﴿يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥]، و﴿يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ﴾ [هود: ٤٨]، ولما ذكر النبي ﷺ مع الخليل ذكر الخليل باسمه وذكر رسول الله بلقبه فقال: ﴿إِن أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ﴾ [آل عمران: ٦٨]، وهذه فضيلة عظيمة قد نوه العلماء بذكرها وشرفها وجعلها من المراتب العلية.
والألف واللام في لفظ النبي يحتمل أن تكون للعهد فقد تقدم ذكر النبي ﷺ من قبل، ولكن الأولى أن تكون للغلبة كالمدينة والكتاب لما أشعر به اللفظ من الفضل والمزية فكأنه هو المعروف الحقيق به المقدم على سائر الأنبياء. (٢)
خامسًا: أن قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ مع قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
(١) انظر السخاوي "القول البديع" (٣٥ - ٣٦)، والألوسي "روح المعاني" (١٠٨/ ١٢)، وابن عاشور "التحرير والتنوير" (٩٧/ ٢٢). (٢) انظر شمس الدين السخاوي "القول البديع" (٣٧)، الألوسي "روح المعاني" (١٠٨/ ٢٢).
1 / 69