61

The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses

السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية

ژانرونه

- وترتفع وتيرة الفضل، وحسن العطاء، ليجيء التعبير بفاء التعقيب في ﴿فَتَرْضَى﴾ لتفيد كون هذا العطاء عاجل النفع، بحيث يحصل به رضا المعطَى، فلا يترقب أن يحصل نفعه بعد تربص (١). - رأينا قوله: ﴿يُعْطِيكَ رَبُّكَ﴾ بإضافة رب دون اسم "الله" العلم إلى ضميره ﷺ لما يؤذن به لفظ الرب من الرأفة واللطف، وللتوسل بإضافته إلى ضمير المخاطب، وهو النبي ﷺ للإشعار بعنايته برسوله، وتشريفه بإضافة "رب" إلى ضميره. أما هذا العطاء الذي وعد الله رسوله ﷺ به فقد خاض المفسرون والمؤرخون وغيرهم فيه، وما اجتمعوا إلا على أن عطاء الله هذا لنبيه ﷺ قد تحقق كاملًا، ووقع مصداقًا لما أخبر به، أقر بذلك الكافرون والمسلمون. فما هذا الذي أعطيه - صلوات الله وسلامه عليه - لقد أعطى عدة كريمة شاملة لما أعطاه الله ﷿ في الدنيا من كمال النفس، وعلوم الأولين والآخرين، وظهور أمره بالظفر والنصر على أعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة، ودخول الناس في دين الله أفواجًا، وإعلاء الدين بالفتوح الواقعة في عصره ﷺ وفي أيام خلفائه الراشدين وغيرهم من الملوك الإسلامية، وفشو الدعوة والإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، علاوة على ما ادخر له في الآخرة من الكرامات التي لا يعلمها إلا هو ﷻ. ونأتي في نهاية الكلام على هذه الآيات من السورة التي تختص بما نحن بصدده من الثناء على النبي ﷺ إلى مقارنتها بما سبق من الآيات التي تثني على النبي ﷺ وتمدحه، لتتضح بقية جوانب هذا البحث، ذلك الترتيب الزمني الذي تسلم كل سلسلة فيه إلى ما يليها في

(١) انظرالطاهر بن عاشور "التحرير والتنوير" (٣٩٨/ ٣٠).

1 / 62