The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses
السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية
ژانرونه
وهكذا - من بداية نزول الوحي - والقرآن يؤكد قضايا صحة الرسالة، يما لا يدع مجالًا لمنصف، أو لمن له أدنى عقل على صدق الرسول ﷺ فيما ادعى من الوحي؛ لأنهم لم يكونوا يكذبونه ﷺ فيما بينهم في غير ذلك حتى جاءهم بالوحي المبارك.
وتحمل الآيات التصريح والتلميح في الرد على المستشرقين، الذين جاءوا بعد سنين طويلة ليخترعوا أمورًا لم تكن (١)، ومواقف لم تحدث، ناهيك عن الأخلاق المفتراه ليلصقوها بالنبي ﷺ، وكان ذلك ردًا موضوعيًا عليهم، إن كل شيء في حياته معلوم، إنه لا علاقة له بما ينزل عليه إلا التبليغ، والله هو الحكم بعد ذلك. كان الأولى بهذه المواقف هؤلاء الكفرة أعدى أعدائه ليشيعوها وينفروا الناس بها عن دعوته، فلم لم يكن ذلك، دل على عدم الوقوع، ولكن ماذا تقول لمنصفين استبدلوا الأحذية بالعقول، وحكموها في التاريخ، واخترعوا له أحداثًا وفسروها بتلك الفعال.
الثالثة: يبدو في اختيار القَسَم بالضحى والليل إشارة إلى إشراق نور التوحيد، وانتهاء ظَلْماء الشرك، وأنه ما فتر الوحي ليقف وينتهي، بل ليعاود انبلاجه وظهوره، وليزداد سناؤه وضياؤه حتى يعم العالمين بأبهى مما كان ضوءًا، وأقوى إشراقًا، والآيات في السياق تشير إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)﴾ [الضحى: ٥] وإن رضاءه - كما ذكرنا - في رضا الله، ورضا لله في علو دينه، وظهور بنيانه، وتمكين شرعه، هداية للناس إلى طريقه القويم.
(١) انظر «وات»، «محمد في المدينة» (١٢١) حيث اخترع أن آيه اقرأ تذكر النبي ﷺ بفضل ورقة بن نوفل عليه وأن هناك قرأنًا قبلها وأن النبي ﷺ كان على صله متتابعة بورقة قبل الوحى وأن الأفكار الإسلامية قد اختلطت إلى حد كبير - على حسب تعبيره - بأفكار ورقة، وهو مستشرق معاصر بريطانى الأصل، تركزت اهتماماته الأساسية في مجال السيرة النبوية، عمل عميدًا لقسم الدراسات العربية في جامعة أدنبرا.
1 / 56