ثوبه، فإذا وضعها نفض كمه، ونظر إلى ثوبه فإذا أصابه غبار نفضه، فنظر إليه علي ابن أبي طالب وقال:
لا يستوي من يعمر المساجدا ... يدأب فيها قائمًا وقاعدا
ومن يرى عن الغبار عائدا
فسمع عمار بن ياسر مقالة علي، فأخذ يرددها، وهو لا يدري من يعني بها علي ﵁ فسمعه عثمان بن مظعون فظن أنه يعرض به فقال له: يابن سمية ما أعرفني بمن تعرض.
وكان مع عثمان جريدة فقال لعمار: لتكفن أو لأعرضن بها وجهك.
فسمعه رسول الله ﷺ فغضب وقال: "إن عمار بن ياسر جلدة ما بين عيني وأنفي، ووضع يده بين عينيه"، فكف الناس عن عمار إلا أنهم قالوا له: إن النبي غضب فيك، ونخاف أن ينزل فينا قرآن.
فقال عمار: أنا أرضيه كما غضب.
فذهب عمار إلى رسول الله ﷺ وقال له: ما لي ولأصحابك؟.
فقال ﷺ: "ما لك ولهم"؟.
قال عمار: يريدون قتلي يحملون لبنة لبنة، ويحملون علي لبنتين لبنتين.
فأخذ النبي بيده وطاف به المسجد، وأخذ يمسح جلد رأسه بيديه من التراب وهو ﷺ يقول: "يابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك، تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة، ويدعونك إلى النار".
فقال عمار: أعوذ بالله من الفتن١.
يروي البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري أن أصحاب النبي ﷺ كانوا يحملون لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي ﷺ فجعل ينفض التراب ويقول: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" ٢.