The Prophetic Biography and the Call in the Civil Era
السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني
خپرندوی
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٤هـ
د چاپ کال
٢٠٠٤م
ژانرونه
يقصروا في السعي فلقد أحضروا رجالا يقتفون الأثر، يقودونهم إلى الناحية التي سار فيها محمد ﷺ وتتبع الدليل أثر الرسول وأبي بكر، فوجد أنهما أخذا طريق اليمن، وساروا فيه حتى وصلوا إلى غار ثور وتوقفوا، فأخذ القرشيون يفتشون في جبل ثور حتى وصلوا إلى الغار، ونظروا فيه فوجدوا على بابه نسيج العنكبوت، وحمامتين مع بيضهما في عشهما، فقالوا: لو دخل محمد هاهنا لانهدم بيت العنكبوت ولضاع عش الحمامة وانكسر بيضها!!
ونظر أبو بكر فرأى رجلا مواجهًا للغار فقال: يا رسول الله إنه ليرانا.
فقال رسول الله ﷺ: "كلا إن الملائكة تسترنا بأجنحتها".
فجلس الرجل وبال جهة الغار، فقال رسول الله ﷺ: لو كان يرانا ما فعل ذلك١.
واشتد خوف أبي بكر ﵁ وقال للنبي ﷺ لو نظر أحدهم تحت أقدامه لرآنا!! فقال له النبي ﷺ: "اسكت يا أبا بكر، ما بلك باثنين الله ثالثهما" ٢.
واستمر الرسول في الغار ثلاثة أيام بعيدًا عن الناس إلا أن التخطيط الذي وضعه الرسول ﷺ للهجرة جعله يحيط بكل ما يدور بين المكيين، ويسهل له وصول كل ما يحتاجه من سبل الحياة وأخبار الناس.
- فلقد أمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع ما يقوله الناس في النهار على أن يأتي رسول الله ﷺ في المساء بما كان في ذلك اليوم من خبر.
- وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام والشراب بما يصلحهما إذا أمست.
- وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى الغنم بالنهار على أن يأتي بالغنم الغار ليلا ليسقيهما لبنًا، وليعفو أثر عبد الله وأسماء.
وبعد أن مكث رسول الله ﷺ وأبو بكر في الغار ثلاثة أيام سكن الناس، وشعروا أن محمدًا فر بعيدًا عن مكة، فأتاهما عبد الله بن أريقط الذي استأجره الرسول دليلا
_________
١ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد باب الهجرة ج٦ ص٦٦، ٦٧.
٢ صحيح البخاري كتاب المناقب باب الهجرة ج٦ ص٢٢١.
1 / 74