The Prophetic Biography and Islamic History
السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
خپرندوی
دار السلام
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٨ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة
ژانرونه
* قريش تصادر ديار المهاجرين واموالهم:
ظلّ المسلمون في مكة منذ بعثة النبي ﷺ حتى الهجرة للمدينة وهم يعانون من قريش، ومن سوء معاملتها لهم، واضطهادها إيّاهم وتعذيبهم، وتجويعهم، وترويعهم، لتفتنهم عن دينهم، وهم صابرون محتسبون، ينتظرون الفرج والمخرج من عند الله مما هم فيه. وما حلّ بال ياسر وبلال وخبّاب بن الأرتّ، وصهيب مشهور ومعروف. وإذا كانت الهجرة إلى الحبشة «١» قد حلّت مشكلة بعض المسلمين، فلا زالت الغالبية منهم في مكة تعيش في ضيق، وفي عنت شديد تنتظر انكشاف المحنة، ومع أن مكّة أحب بلاد الله إليهم جميعا، إلا أن فرحتهم كانت عظيمة عندما أذن لهم الرسول الله ﷺ بالهجرة إلى المدينة، وودّعوا مكة إلى حين.
يقول ابن إسحاق: «فلما أذن الله تعالى له ﷺ في الحرب، وتابعه هذا الحيّ من الأنصار على الإسلام والنّصرة له ولمن اتّبعه، وأوى اليهم من المسلمين؛ أمر رسول الله ﷺ أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه من المسلمين بمكة بالخروج إلى المدينة، والهجرة إليها، واللحوق بإخوانهم من الأنصار وقال: «إن الله ﷿ قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها» فخرجوا أرسالا، وأقام رسول الله ﷺ بمكة ينتظر إلى أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة» «٢» .
هكذا بدأت بشائر الفرج تأتي من يثرب- المدينة المنورة- وأصبح للمسلمين هناك إخوان يأمنون عندهم، كما أخبرهم رسول الله ﷺ، فليتوكلوا على الله، ولا يلوون على شيء في مكة كائنا ما كان. ولماذا يلوون على شيء والله تعالى يقول: وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: ١٠٠]؟!
لذلك ترك المسلمون ديارهم وأموالهم في مكة مهاجرين في سبيل الله، وهناك أسر بكاملها غلّقت دورها في مكة وآثرت أن تعبد الله في حرية وأمان في كنف إخوانهم الأنصار في المدينة. يقول ابن إسحاق: «وتلاحق المهاجرون إلى رسول الله ﷺ، فلم يبق منهم بمكة أحد إلا مفتونا أو محبوسا، ولم يوعب أهل هجرة من مكة بأهليهم وأموالهم إلى الله ﵎ وإلى رسول الله ﷺ إلا أهل دور مسمّون:
_________
(١) انظر تفاصيل الهجرة إلى الحبشة في ابن هشام (ج ١) . وابن كثير- السيرة النبوية (٢/ ٣) وما بعدها.
(٢) ابن هشام (٢/ ٧٦) .
1 / 84