The Prophetic Biography and Islamic History
السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
خپرندوی
دار السلام
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٨ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة
ژانرونه
كانوا يعدون بلدهم لتكون مقر مملكة صغيرة محدودة، فأراد الله لها أن تكون مهاجر نبيه ومنطلق رسالته وعاصمة لدولة الإسلام العالمية، فقد كانت الاتصالات المباشرة بدأت بينهم وبين النبي ﷺ الذي فتح لهم أبواب التاريخ على مصاريعها.
* صدى الدعوة في يثرب بعد اتصالاتها المباشرة بالنبي ﷺ:
لقد خيبت ثقيف أمل النبي ﷺ، عندما ذهب إليهم يعرض عليهم دعوته ويلتمس منهم النصر والمؤازرة، وردوه ردّا قبيحا أثر فيه وآلمه، ولكنه لم ينل من عزيمته وإصراره على المضي قدما في تبليغ رسالته مهما كانت الصعاب، ولذلك كانت الفترة التي أعقبت رحلة الطائف من أقسى الفترات على النبي ﷺ. ولقد عبر نفسه ﵇ عن ذلك عندما سألته السيدة عائشة ﵂ قائلة: «هل أتى عليك يوم هو أشد من يوم أحد؟» فأخبرها أن ما رآه من أهل الطائف وما سببه له ذلك الموقف كان أشد وأقسى «١» .
ولقد ازدادت مناوآت قريش وأذاها للرسول ﷺ وأصحابه في تلك الفترة، لموت خديجة وأبي طالب، ولكنه لم يضعف ولم يهن، وبدأ يعرض نفسه على وفود القبائل العربية التي كانت تأتي الموسم، لعله يجد من بينهم نصيرا أو معينا، بعد أن صدته وآذته قريش ولم يجد خيرا عند ثقيف، فعرض نفسه على كندة وكلب وبني حنيفة وبني عامر بن صعصعة وغيرهم «٢»، فلم يجد عند أحد منهم خيرا.
والحقيقة أن هذه القبائل كانت ترى أنها لو تابعت محمدا فإن قريشا سوف تعتبر هذا عداء سافرا لها، ولم يكن أحد من العرب يود أن يفتح بينه وبين قريش بابا للعداء؛ وذلك لمكانة قريش من العرب، وللروابط العديدة التي كانت تربطها بها، كما أن قريشا كانت تلاحق النبي ﷺ؛ لتنفّر الناس منه ولتفسد عليه أمره «٣» . ولكن بينما كانت
_________
(١) ابن كثير- السيرة النبوية (٢/ ١٥٢) .
(٢) ابن هشام- المصدر نفسه (٢/ ٣٢، ٣٣) .
(٣) قال ابن إسحاق: «وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، قال: سمعت ربيعة بن عباد يحدثه أبي؛ فقال: إني لغلام شاب مع أبي بمنى، ورسول الله ﷺ يقف على منازل القبائل من العرب فيقول: «يا بني فلان إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدقوني حتى أبين عن الله ما بعثني به» قال: وخلفه رجل أحول وضيء له غديرتان عليه حلة عدنية، فإذا فرغ رسول الله ﷺ من قوله وما دعا إليه، قال ذلك الرجل: يا بني فلان إن هذا إنما يدعوكم إلى أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم ... -
1 / 73