The Prophetic Biography and Islamic History
السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
خپرندوی
دار السلام
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٨ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة
ژانرونه
بعيدة جدّا عن الاحتمال؛ لأن قصة مجيئهم في عهد موسى ﵇ أقرب إلى الأسطورة منها إلى التاريخ الصحيح؛ لأنها تحكي أنهم دخلوا الحجاز- ويثرب بصفة خاصة- مهاجمين محاربين، وهذا لا يتناسب مع جبنهم- في الفترة نفسها- عن دخول فلسطين مع موسى ﵇، كما يقص علينا القرآن الكريم (المائدة:
٢٣- ٢٦) . فلا يعقل أن يجبنوا عن دخول فلسطين ثم يهاجموا الحجاز، خصوصا وأن القرآن يتحدث عن تيههم في صحراء سيناء قبل دخولهم فلسطين (مع يوشع بن نون)، والقرآن الكريم هو مصدرنا الرئيس عن تاريخ اليهود في جزيرة العرب «١»، وإنما الأقرب إلى المنطق والقبول ذلك الرأي الذي يذهب أصحابه إلى أن مجيء اليهود إلى الحجاز بدأ منذ القرن الأول بعد الميلاد، بعد أن اشتد ضغط الرومان عليهم، فهاجر بعضهم إلى الحجاز وسكنوا يثرب وخيبر وفدك وتيماء ووادي القرى، وهي منطقة الواحات والوديان- الصالحة للزراعة- الواقعة بين يثرب وفلسطين «٢» . وبناء على اعتماد ذلك الرأي تكون جنسية يهود الحجاز محددة بأنهم إسرائيليون، أي: ينتسبون إلى إسرائيل- وهو يعقوب ﵇ لأن الآيات القرآنية التي تحدثت عنهم قد نسبتهم صراحة إلى إسرائيل دون استثناء.
«وربطت بينهم وبين بني إسرائيل الأولين من لدن موسى، بل من لدن يعقوب- الذي كان إسرائيل اسمه الثاني- على ما ذكره سفر التكوين» «٣» . لذلك لا عبرة بما يذهب إليه بعض المؤرخين من أن يهود يثرب كانوا عربا تهودوا «٤»، أي:
اعتنقوا اليهودية. أما عرب المدينة- الأوس والخزرج- فينتمون إلى قبائل الأزد اليمنية التي هاجرت من اليمن بعد انهيار سد مأرب وتدهور الأحوال الاقتصادية فيها، وأرجح الأقوال أن مجيئهم إلى يثرب كان في حوالي أواخر القرن الرابع الميلادي «٥» . ومعنى ذلك أن وصولهم إلى يثرب كان لاحقا على وصول اليهود إليها، الذين كانوا أصحاب النفوذ والثروة فيها، ومع ذلك فقد قبلوا سكنى العرب معهم في يثرب على مضض، وتراوحت العلاقات بينهم من الصراع إلى الحلف
_________
(١) جواد علي- تاريخ العرب قبل الإسلام (٦/ ٥١٣) .
(٢) أحمد إبراهيم الشريف، المرجع نفسه (ص ٣٠٧) .
(٣) محمد عزة دروزة، تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم، (بيروت: المكتبة العصرية، ١٣٨٩ هـ/ ١٩٦٩ م)، (ص ٤٢٣) .
(٤) انظر تاريخ اليعقوبي (٢/ ٣٦) .
(٥) أحمد إبراهيم الشريف- المرجع نفسه (ص ٣١٥)، وابن رسته (ص ٦٤) .
1 / 67