ويُذْكَرُ أن الفرزدق (١) لما رَدَّ عليه عبدالله بن أبي إسحاق الحضرمي بيتًا من شعره، ولَحَّنَهُ فيه، قال له: «والله لأهجونَّكَ ببيتٍ يكون شاهدًا على ألسنة النحويين أبدًا» (٢). فهجاه بقوله:
فلو كانَ عبدُ الله مَولىً هَجوتُهُ ... ولكنَّ عبد اللهِ مَولَى مَواليا (٣)
والفرزدق توفي سنة ١١٢ هـ، وقد قال ذلك لابن أبي إسحاق الذي توفي سنة ١١٧ هـ (٤). وهذا القول من الفرزدق مستبعد من بدوي مثله، ولا يعول على مثل هذا النقل في إثبات الصفة الاصطلاحية للشاهد الشعري.
والذي يُعوَّلُ عليه أَنَّ الشاهد الشعري أصبح يَحملُ المعنى الاصطلاحي الدقيق في الاحتجاج اللغوي والنحوي في القرن الثاني الهجري وما بعده، وذلك في أقدم كتاب نحوي معروف، وكذلك كتب إعراب القرآن المتقدمة كمعاني الفراء والأخفش.
وقد أصبح لكلمة الشاهد فيما بعد معنى عرفيٌّ ينصرف الذهن عند سماعه إلى الشاهد الشعري دون غيره من أنواع الشواهد الأخرى، وكان للنحويين دور كبير في إكساب هذه اللفظة هذا المعنى (٥).
وكثيرًا ما تَرِدُ في كتب المفسرين والنحويين واللغويين قبل إيرادهم