مذاهبَ كثيرةٍ (١). ومع الخلاف في تحديد زمنها، فظاهر الآيات يدل على أَنَّها ليست القرون القليلة التي سبقت الإسلام؛ لأَنَّ الله وصفها بالجاهلية الأولى، والله قد ذكر الجاهلية دون وصف في ثلاث آيات، وهي قوله تعالى: ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [آل عمران: ١٥٤] (٢)، وقوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)﴾ [المائدة: ٥٠] (٣)، وقوله تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [الفتح: ٢٦] (٤)، فيستدل من ذلك ومن سياق هذه الآيات أَنَّ المقصود بالجاهلية الأخرى الجاهلية القريبة من الإسلام.
ووصفُ الزَّمنِ بالجاهلية بِهذا المعنى من الألفاظِ الإسلامية الحادثة التي طرأت بعد الإسلام للدلالة على زمن الشرك قبل الإسلام. قال الطاهر بن عاشور (٥): «وأحسبُ أَنَّ لفظَ الجاهليةِ من مبتكراتِ القرآن، وصفَ به أهلَ الشركِ تَنفِيْرًا من الجهل، وترغيبًا في العلم، ولذلك يذكرهُ القرآنُ في مقاماتِ الذمِّ ... وقالوا: شعر الجاهلية، وأيَّامُ الجاهلية، ولم يُسْمَعْ ذلكَ كُلُّه إلَّا بعد نزولِ القرآن وفي كلام المسلمين» (٦).
والقبائل العربية التي عاشت في الجزيرة امتدادٌ تاريخي لقبائل سبقتها، ذُكِرت في القرآن الكريمِ كعاد وثَمود، وذكرهم المؤرخون مثل قبائل طَسْم (٧)