The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

Safar al-Hawali d. Unknown
95

The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي

خپرندوی

دار الكلمة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

ژانرونه

ولو سعى في هذا المطلوب ولم يكن مستعينًا بالله متوكلًا عليه مفتقرًا إليه في حصوله لم يحصل له، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فهو مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب والمحبوب والمراد المعبود، ومن حيث هو المسؤول المستعان به المتوكل عليه. فهو إلهه الذي لا إله له غيره وهو ربه الذي لا رب له سواه. ولا تتم عبوديته لله إلا بهذين، فمتى كان يحب غير الله لذاته أو يلتفت إلى غير الله أنه يعينه، كان عبدًا لما أحبه وعبدًا لما رجاه بحسب حبه له ورجائه إياه. وإذا لم يحب أحدًا لذاته إلا الله، وأي شيء أحبه فإنما أحبه له، ولم يرج قط شيئًا إلا الله، وإذا فعل ما فعل من الأسباب وحصل ما حصل منها كان مشاهدًا أن الله هو الذي خلقها وقدرها وسخرها له، وأن كل ما في السماوات والأرض فالله ربه ومليكه وخالقه ومسخره وهو مفتقر إليه، كان قد حصل له من تمام عبوديته بحسب ما قسم له من ذلك. فأكمل الخلق وأفضلهم وأعلاهم وأقربهم إلى الله وأقواهم وأهداهم أتمهم عبودية لله من هذا الوجه. وهذا هو حقيقة دين الإسلام الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وهو أن يستسلم لله لا لغيره، فالمستسلم له ولغيره مشرك والممتنع عن الاسستلام مستكبر.. " وكل من استكبر عن عبادة الله لا بد أن يعبد غيره فإن الإنسان حساس يتحرك بالإرادة ... " (١) ثم قال بعد هذا الكلام المنقول سابقًا: "بل الاستقراء يدل على أنه كلما كان الرجل أعظم استكبارًا عن عبادة الله كان أعظم إشراكا بالله، لأنه كلما استكبر عن عبادة الله ازداد فقرًا وحاجة إلى المراد المحبوب الذي هو المقصود: مقصود القلب بالقصد الأول فيكون مشركًا بما استعبده من ذلك. ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه ولا يستعين إلا به ولا يتوكل إلا عليه، ولا يفرح إلا بما يحبه ويرضاه ولا يكره إلا ما يبغضه الرب ويكرهه، ولا يوالي إلا من والاه الله، ولا يعادي إلا من عاداه الله، ولا يحب إلا لله ولا يبغض شيئًا إلا لله، ولا يعطي إلا لله ولا يمنع إلا لله،

(١) العبودية، ص ١٠٨- ١١٢

1 / 102