The Omission of Text: Its Reality, Ruling, and Its Impact on Citing Singular Narrations
النقص من النص حقيقته وحكمه وأثر ذلك في الاحتجاج بالسنة الآحادية
خپرندوی
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
د ایډیشن شمېره
السنة ٢٠-العددان ٧٧-٧٨ محرم
د چاپ کال
جماد الآخر ١٤٠٨هـ/١٩٨٨م
ژانرونه
مقدمة
...
النقص من النص حقيقته وحكمه
وأثر ذلك في الاحتجاج بالسنة الاَحادية
دكتور: عمر بن عبد العزيز
بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية
بالمدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا مباركا فيه.
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تمسك بسنته، واهتدى بهديه.
أما بعد: فإن الحرص على السنة المطهرة، وإعمالها في شتى مجالات الحياة، والعمل بما تأتي به من الأحكام الدنيوية والأخروية، وعدم ترك العمل بأي نوع من أنواعها مادام صح عن الرسول ﷺ مما ينبغي أن يتحلى به كل مسلم، ولاسيما العلماء الذين يستنبطون منها الأحكام باعتبارها ثانية المصادر التي تستقي منها الشريعة السمحة أحكامها، وتأخذ الأمة منها نظامها، وتؤسس بها كيانها.
وقد تحلى بذلك العلماء من السلف الصالح من هذه الأمة ﵃ حرصوا على السنة المطهرة أشد الحرص، وتمسكوا بها بجميع أنواعها وعملوا بمقتضاها في شتى الميادين.
ومن الحرص على السنة، إزالة أي عقبة تعترض طريق تطبيق أي نوع من أنواع السنة، وإذابة أي عثرة تعوق العمل بها في أي زاوية من زواياها وإتاحة المكنة لسلوك المداخل المؤدية إلى إعمالها والأخذ بموجبها.
وهناك بعض القواعد قد يكون مدخلا إلى مس العمل بالسنة في نوع من أنواعها، وقد قال بها علماء لا نعلم أن الحرص على السنة ينقصهم، أو أن التمسك بها يعوزهم.
ومن هذه القواعد، قاعدة: "النقص من النص نسخ ".
فإني رأيت أن القول بها مطلقا يؤثر في العمل بالسنة الآحادية في بعض حالاتها مع الكتاب الكريم أو السنة المتواترة.
1 / 9
فأحببت أن أدرس هذه القاعدة، وأبحث عن مكامن أثرها في الاحتجاج بالسنة الآحادية.
وقد خططت أن يقع البحث في ثلاثة فصول على النحو التالي:
الفصل الأول: النقص من النص. ويتضمن مبحثين:
المبحث الأول: تمهيد يتضمن: تعريفه، ولشرحه، وتمثيله.
المبحث الثاني: أنواعه. ويتضمن ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: نقص الشرط.
المطلب الثاني: نقص الجزء.
المطلب الثالث: نقص الجزئي.
الفصل الثاني: حكم النقص من النص. ويتضمن مبحثين:
المبحث الأول: حكم نقص الشرط والجزء.
المبحث الثاني: حكم نقص الجزئي. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: التخصيص.
المطلب الثاني: التقييد.
الفصل الثالث: أثر النقص من النص في الاحتجاج بالسنة الآحادية. وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف السنة الآحادية.
المبحث الثاني: تأثير نقص الشرط والجزء.
المبحث الثالث: تأثير نقص الجزئي. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: بالنسبة للتخصيص.
المطلب الثاني: بالنسبة للتقييد.
وأسأل الله ﷾ أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يهدينا سواء السبيل، وأن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة رسوله ﷺ ويرشدنا إلى الصواب.
١٤ رمضان ١٤٠٩ هـ
عمر بن عبد العزيز المدينة المنورة
1 / 10
الفصل الأول: النقض من النص
المبحث الأول: تمهيد
المطلب الاول: تعريف وشرح وتمثيله
...
الفصل الأول - النقص من النص
المبحث الأول: تعريفه، وشرحه، وتمثيله.
النقص: مصدر نقص ينقص بفتح القاف في الماضي، وضمها في المضارع من باب نصر.
وهو في اللغة بمعناه المصدري: القلة، والخسة، والضعف.
يقال: "نقص الشيء نقصا ونقصانا" أي خسر، وقَلَّ. و: "نقص عقله لما أي ضعف. والنقص أيضا: الخسران، وذهاب شيء من الشيء بعد تمامه.
وذكر: أن الذهاب بعد التمام يطلق عليه النقصان فقط، وأن الضعف يطلق عليه النقص فقط. فيقال: "دخل عليه نقص في عقله، ولا يقال: نقصان " ويطلق النقص والنقصان اسما للقدر الذاهب من المنقوص. من إطلاق المصدر على اسم المفعول١.
والنقص قد يكون لازما لا يتوقف فهم فعله٢ على فهم أمر غير الفاعل٣. قال الله تعالى: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ....﴾ الآية"٤
والنقص المتضمن في الفعل ﴿تَنْقُصُ﴾ المسند إلى الأرض بطريق الصدور والقيام لم يتوقف فهمه على شيء آخر يتعلق به الفعل تعلق الوقوع عليه بحيث لا يمكن تعقل الفعل، وتصوره إلا بعد تعقل ذلك الشيء وتصوره. بل يجوز فهمه مادام الفاعل المسند إليه الفعل قد فهم مع عدم خطو رأي متعلق غيره بالبال.
_________
١ انظر: الصحاح (٣/١٠٥٩) ولسان العرب (٧/١٠٠) وتاج العروس (١٨/١٨٧ـ١٨٨) .
٢ الفعل في اللغة: العمل. والمقصود هنا ما هو في اصطلاح النحاة وهو: "ما دل على معنى في نفسه، مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة" مثل (نصر) للماضي، و(ينصُر) للحاضر أو المستقبل. انظر: لسان العرب (٣/٥٢٨) وشرح ابن عقيل (١/ ٢٦٤) .
٣ الفاعل: اسم فاعل من فعل يفعل. على وزن منيع يمنع وهو في اللغة: العامل. والمقصود هنا ما هو في اصطلاح النحاة وهو: "ما أسند إليه الفعل، أو شبهه وقدم عليه " مثل (زيد) في (خرج زيد) فإن زيدا أسند ونسب إليه (خرج) باعتبار صدوره منه وقيامه به. وقد قدم عليه. ومثل: (أخارج عمرو) فإن (عمرا) أسند إليه (خارج) وهو شبه الفعل، لأنه اسم فاعل. وهو يشبه الفعل في العمل حيث يعمل عمله في رفع الفاعل بشروط مبسوطة في كتب النحو.
انظر: الفوائد الضيائية (١/٢٥٣،٢٥٤) وانظر لمعنى اللزوم: شرح الكافية للرضى (٢/٢٧٢-٢٧٣) والفوائد الضيائية (٢/٢٥٣-٢٥٤)
٤ ق:٤.
وللمعنى الذي يكون النقص بناء عليه لازما في هذه الآية الكريمة انظر جامع البيان (٢٦/ ٩٤) والبحر المحيط لأبي حبان (٨/١٢١) .
1 / 11
وقد يكون النقص متعديا يتوقف فهم فعله على فهم أمر غير الفاعل١. قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ ٢.
والنقص كما يكون في معاني مدلولات الألفاظ، كذلك يكون في الألفاظ الدالة على المعاني بأقسامها الثلاثة: الاسم٣ والفعل والحرف٤.
ففي الاسم مثل: الفاعل للفعل المبني للمفعول. حيث ينقص بحذفه، وإقامة المفعول به مقامه. مثل: "نيل خبر نائل " فأصل الكلام (نال زيد خبر نائل) فحذف الفاعل وهو (زيد) وأقيم المفعول به وهو (خبر نائل) مقامه، فأخذ حكم المفاعل من الرفع، والتأخر عن الفعل الرافع له. والفاعل اسم٥.
وفي الفعل مثل: الفعل الذي يدل دليل عليه وإن لم يذكر. فإنه يجوز حذفه مثل (زيد) مقولا في جواب قول القائل: من قرأ؟ فإن تقدير الجواب (قرأ زيد) لكن الفعل (قرأ) حذف لدلالة الاستفهام عليه٦.
وفي الحرف مثل: الهمزة في (يكرم) مضارع أكرم. فإن أصله (يؤكرم) حذفت منه الهمزة. والهمزة حرف٧.
والنقص بالحذف لابد أن ينطوي على فائدة تعود إما إلى اللفظ بالطلاوة والحسن والرقة والخفة. وإما إلى المعنى كتوقير المحذوف أو تحقيره أو غيرهما.
والنقص بالحذف يشترط العلماء فيه - بالإِضافة إلى كونه مفيدا - أن لا ينقص من بلاغة
_________
١ راجع: شرح الكافية للمرضى (٢/ ٢٧٢) والفوائد الضيائية (٢/ ٢٧٤) .
٢ الرعد: ا ٤. وانظر: إعراب القرآن للنحاس (٢/ ١٧٤-١٧٥) والبحر المحيط (٥/ ٠ ٤٠) .
٣ الاسم في اللغة: أصله سمو بكسر السين وضمها وسكون الميم على وزن حمل أو قفل. حذفت الواو وعوض عنها بالهمزة في أول الكلمة. وهو من السمو وهو العلو، لأن الاسم فيه تنويه با المسمى.
وفي الاصطلاح: "ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة". انظر: نحتار الصحاح (٣١٦) والكافية لابن الحاجب مع شرح الرضى (٩/١) وشرح ابن عقيل (١/١٥) .
٤ الحرف بفتح الحاء وسكون الراء في اللغة: الطرف والجانب، وبه سمى الحرف من حروف الهجاء. وفي الاصطلاح: "كلمة لا تدل على معنى في نفسها، بل تحتاج إلى انضمام كلمة أخرى إليها". مثل (من) فلا وحدها لا تدل على معنى، ولكنها تدل على الابتداء إذا انضم إليها كلمة أخرى مثل (البصرة) مثلا قولك: "سرت من البصرة" فهي تدل على الابتداء الثابت في البصرة) . انظر لسان العرب (٩/ ٤١) وشرح الكافية للرضى (١/٩) والفوائد الضيائية (١/ ١٧١) .
٥ راجع: شرح ابن عقيل (١/ ٤٩٩) .
٦ المرجع السابق (٤٧٣/١-٤٧٤) .
٧ المرجع السابق (٤/ ٣٤٥) .
1 / 12
الكلام١، ولا يخل بالمعنى لأنه أحد قسمي الإيجاز٢. والإيجاز فن من فنون البلاغة. ففي الأمثلة التي مرت نرى أن النقص أتى بفوائد كانت تنتفي لو قدر للنقص أن ينتفي.
ففي قول القائل: (نيل خير نائل) تتزاحم احتمالات الفوائد من التوقير بعدم استرذاله، أو التحقير بصون اللسان عنه، أو ادعاء تعينه، أو غير ذلك من كونه معروفا لا يحتاج إلى الذكر، أو مجهولا لا يمكن ذكره٣.
وفي قول القائل: "زيد" جوابا للمستفهم بـ (من قرأ؟) يتضمن نقص الفعل وحذفه فائدة الاختصار لأن الفعل (قرأ) قد دلت الجملة المستفهم بها عليه فعرف، وعندئذ يكون ذكره لمعرفته قد وجدت فائدته دونه فاقتضى فائدة الاختصار حذفه.
وفي (يكرم) حذفت الهمزة للتخفيف. لأن من حروف المضارعة الهمزة، فعندما يعبر المتكلم وحده عن إكرامه في الحال أو المستقبل يقول ... لو لم تحذف الهمزة: "أؤكرم فتجتمع همزتان، إحداهما حرف المضارعة والثانية من صيغة الفعل، فيثقل على اللسان النطق به. فحذفت الهمزة الثانية وحذفت تلك الهمزة مع بقية حروف المضارعة طردا للباب - كما يقولون - ولتتحد صيغة المضارع في باب الأفعال في المتكلم والمخاطب والغائب٤
وفي موضوع النقص من النص يقصد بالنقص: النقص الذي يكون في المعاني مدلولات الألفاظ.
النص: مصدر نص ينص من باب نصر.
_________
١-البلاغة لغة: التمام والوصول والانتهاء. واصطلاحا: المطابقة لمقتضى الحال. والمناسبة بت المعنيين أن المطابقة تفضي إلى الوصول إلى المطلوب عند البلغاء فبلاغة الكلام هو: "مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته" وتتأتى هذه المطابقة بأن يعتبر مع الكلام الذي يؤدي به المراد خصوصية ما، كالتأكيد مثلا عندما يكون المخاطب منكِرا لمقتضى الكلام الذي يوجه إليه، إذ حاله عندئذ يستدعى التأكيد، فيكون اعتباره مطابقة لمقتضى هذا الحال، على عكس الخالي عن الإنكار لخلو ذهنه عن مضمون الكلام الموجه إليه حيث يكون بلاغة الكلام معه بخلوه من التأكيد. انظر: مختار الصحاح (٦٣) ومختصر المعاني (١١ وا ٢-٢٢) وشرح عقود الجمان (٦) .
٢- الإيجاز: مصدر أوجز يوجز، وهو لغة: الإِقصار، من الوجازة وهي القصر. وفي الاصطلاح: "أداء المقصود من الكلام بأقل من عبارات متعارف الأوساط ". وأبرز ما مثل به البلاغيون قوله تعالى: ﴿ولكم في القصاص حياة﴾ حيث تضمن هذا اللفظ الوجيز معاني كثيرة يحتاج أداؤها في متعارف الأوساط إلى عبارات كثيرة انظر: المصباح المنير (٢/٦٤٨) ومفتاح العلوم (٤٩٣) وحلية اللب المصون (١٠٠) .
٣-راجع: منحة الجليل (١/ ٤٩٩) ومعجم البلاغة (١/ ١٩٠) .
٤-انظر: شرح الشافية للجاربردي (١/٥٨) .
1 / 13
وقد جاء بمعناه المصدري في اللغة بعدة معان يرجع معظمها إلى الرفع والإظهار١
وقد ورد في حديث رفعه ﷺ من عرفات: "فإذا وجد فجوة نص"٢ أي رفع ناقته في السير وأسرع كما ذكره شراح الحديث٣.
ويقال: "نص الشيء نصا" أي أظهره٤.
وأما في الاصطلاح: فقد تناولته اصطلاحات متعددة بالإطلاق اختلف ما يقصد به حسب اختلاف تلك الاصطلاحات٥.
والذي يعنينا منها هو الاصطلاح الشرعي العام.
لقد أريد بالنص في هذا الاصطلاح: الكتاب والسنة.
يقال: (هذا ثبت بالنص) أي بالكتاب والسنة.
وهذا الاصطلاح عندما نقل النص إلى هذا المعنى لم يبعد به عن معناه اللغوي. إذ أن ثبوت الكتاب عن الله ﷿، ورفع السنة الشريفة بإسنادها إلى الرسول ﷺ، وإظهار ألفاظهما لمعانيها وإظهارها للأحكام ودلالتها عليها تبرز المناسبة القوية بين هذا المعنى الاصطلاحي وبن المعنى اللغوي للنص٦.
ويعني علماء الأصول بالنقص من النص: "أن يوجد نص شرعي ويتناول ذا شرط أو جزء أو جزئيات ثم يأتي نص آخر أو ما في حكمه ويزيل الشرط أو يخرج بعض أجزاء أو جزئيات ما تناوله النص الأول من حكمه "٧.
_________
١-ذكرت المعاني التي جاء بها النص في اللغة في كتاب "الزيادة على النص " (ص ٨ ا- ا ٢) راجع لتفصيلات هذه المعاني: أساس البلاغة (٤٥٩) ولسان العرب (٧/٩٧) ضاج العروس (١٨/ ١٧٩) .
٢ متفق عليه. انظر: صحيح البخاري مع الفتح (٣/٥١٨) وصحيح مسلم مع شرح النووي (٩/٣٤) .
٣ راجع: غريب الحديث لأبي عبيد (١٣/١٧٨) والنهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ٦٤) وشرح النووي على مسلم (٩/ ٣٤) وفتح الباري شرح صحيح البخاري (١٣/٥١٨) .
٤ انظر: لسان العرب (٧/٩٨) وتاج العروس (١٨/ ١٨٠) .
٥ بينت تفاضل تلك الاصطلاحات في كتاب "الزيادة على النص" (ص/ ٢١-٢) .
٦ راجع كليات أبي البقاء (٤/ ٣٦٦) .
٧ الحكم لا اللغة: المنع، والقضاء.
وفي العرف: "إثبات أمر لآخر، أو نفيه عنه ".
وفي اصطلاح الأصليين: "خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين على سبيل الاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع.
وعند الفقهاء: "ما ثبت بالخطاب " كالوجوب، ونحوه، والمعنى الأخير هو المراد هنا راجع: مختار الصحاح (ص/١٤٨) والأحكام للآمدي (١/١٣٥) .
1 / 14
المبحث الثاني: أنواعة
المطلب الأول: نقص الشرط
...
المبحث الثاني: أنواع النقص من النص.
وفيه ثلاثة مطالب:
يتنوع النقص من النص إلى ثلاثة أنواع:
المطلب الأول: نقص الشرط.
والشرط بفتح الشين وسكون الراء لغة: الإِلزام والالتزام، ويطلق على ما يوضع ليلتزم به في العقود ونحوها.
والشرط يطلق بمعنيين: أحدهما مصدري والآخر اسمي.
ويكون المراد منه باعتبار المعنى الأول: التعليق الذي يعني به ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى. مثل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ ١.
فالآية الكريمة علّقت حصول مضمون جملة هي: ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾ ومضمونها وجوب التطهر الذي يقتضيه الأمر به، بحصول مضمون جملة أخرى هي: ﴿كُنْتُمْ جُنُبًا﴾ بأداة تدل على هذا الربط بين المضمون وهي: "إن الشرطية. فالجملة الأولى الشرط والثانية الجزاء.
وبناء على هذا المعنى وهو التعليق، يكون الشرط مصدرا ووصفا للمتكلم وباعتبار المعنى الثاني يطلق على مضمون الجملة الأولى التي ربط حصول مضمون الأخرى بحصول مضمونها.
وبناء على هذا يكون اسما للكلام وهو الجملة الأولى.
وإذا كان النحاة قد اصطلحوا على أن الشرط هو: "ما دخل عليه أحد الحرفين (إن) أو (إذا) أو ما يقوم مقامهما مما يدل على سببية الأول ومسببية الثاني " وهذا هو الشرط اللغوي – فإن للأصوليين اصطلاحا آخر. حيث إنهم يعنون به: "ما يتوقف عليه الشيء ولا يكون داخلا في ماهيته ولا مؤثرا فيه "٢ والشرط الذي نحن الآن بصدده، هو الذي اصطلح عليه الأصوليون.
_________
١- المائدة: ٦.
٢- راجع: تاج العروس (/٤٠٤) والمعجم الوسيط (١/٤٧٨)، والتلويح على التوضيح (١/١٤٣) والسبب عند الأصوليين (٣١/٢-٣٢) .
المطلب الثاني: نقص الجزء والجزء: بضم الجيم وسكون الزاي لغة: البعض والقسم.
المطلب الثاني: نقص الجزء والجزء: بضم الجيم وسكون الزاي لغة: البعض والقسم.
1 / 15
ووفي الاصطلاح " مايتركب الشيء منه ومن غيره"١ مثل: (اليد) للإنسان. حيث إن الإنسان يتركب منها ومن غيرها كالعين والأنف وغيرهما من أعضاء الإنسان.
ومن حكم الجزء أنه لا يحمل عليه كله بحمل هوهو، فلا يصح أن يجعل الجزء مبتدءًا ويجعل كله خبرًا له، فلا يقال مثلا: "يد زيد زيد".
_________
١ راجع: تاج العروس (١/١٧١) والتعريفات (ص/٧٥)، والتهذيب للتفتازاني (ص ٧٨/ ٧٩) .
المطلب الثالث: نقص الجزئي والجزئي نسبة إلى الجزء. وقد مر معناه اللغوي. وهو في الاصطلاح: "ما يمنع نفس تصور مفهومه عن وقوع الشركة فيه" (١) . مثل: (محمد) فإنه يدل على ذات واحدة هي المسماة بهذا الاسم وهي مفهومه ويمتنع أن يشترك مع محمد غيره في هذا المفهوم. واشتراك غيره معه في اسمه لا يقدح في جزئيته، لأن الاشتراك في الاسم لا يستلزم الاشتراك في المعنى الخاص والمفهوم المعين الذي به صار محمد جزئيا. والاشتراك في الاسم لم يأت نتيجة صفة مشتركة جعلتهم يشتركون في هذا الاسم بل جاء نتيجة اتفاق ومصادفة. هذا هو الجزئي الحقيقي. وهناك نوع آخر من الجزئي يسمى بالجزئي الإِضافي. ويقصدون به: "كل أخص تحت أعم " مثل: (الرجل) بالنسبة إلى الإنسان، فإن (الرجل) في الحقيقة وواقع الأمر كلي لأنه لا يمنع نفس تصوره عن اشتراك كثيرين فيه، ولكن جزئيته بالإضافة إلى الإنسان المشتمل عليه وعلى غيره الذي هو المرأة (٢) . والمقصود في النقص هو الجزئي الإضافي. _________ ١-انظر: التعريفات (ص/٧٥)، والمرشد السليم (ص/ ٥٤) . ٢-أنظر: التعريفات (ص/ ٧٥)، والمرشد السليم (ص/ ٣٤) .
المطلب الثالث: نقص الجزئي والجزئي نسبة إلى الجزء. وقد مر معناه اللغوي. وهو في الاصطلاح: "ما يمنع نفس تصور مفهومه عن وقوع الشركة فيه" (١) . مثل: (محمد) فإنه يدل على ذات واحدة هي المسماة بهذا الاسم وهي مفهومه ويمتنع أن يشترك مع محمد غيره في هذا المفهوم. واشتراك غيره معه في اسمه لا يقدح في جزئيته، لأن الاشتراك في الاسم لا يستلزم الاشتراك في المعنى الخاص والمفهوم المعين الذي به صار محمد جزئيا. والاشتراك في الاسم لم يأت نتيجة صفة مشتركة جعلتهم يشتركون في هذا الاسم بل جاء نتيجة اتفاق ومصادفة. هذا هو الجزئي الحقيقي. وهناك نوع آخر من الجزئي يسمى بالجزئي الإِضافي. ويقصدون به: "كل أخص تحت أعم " مثل: (الرجل) بالنسبة إلى الإنسان، فإن (الرجل) في الحقيقة وواقع الأمر كلي لأنه لا يمنع نفس تصوره عن اشتراك كثيرين فيه، ولكن جزئيته بالإضافة إلى الإنسان المشتمل عليه وعلى غيره الذي هو المرأة (٢) . والمقصود في النقص هو الجزئي الإضافي. _________ ١-انظر: التعريفات (ص/٧٥)، والمرشد السليم (ص/ ٥٤) . ٢-أنظر: التعريفات (ص/ ٧٥)، والمرشد السليم (ص/ ٣٤) .
1 / 16
الفصل الثاني: حكم النقص من النص
المبحث الأول: نقص الشرط والجزء
المطلب الأول: المذاهب وأدلتها
...
الفصل الثاني - حكم النقص من النص
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: نقص الشرط والجزء. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: المذاهب وأدلتها.
بالنسبة للنوعين الأولين نقص الشرط والجزء.
اتفق العلماء على أن ذلك النقص نسخ١ لذلك الشرط والجزء٢. لأن النسخ هو: الرفع والإزالة وقد تناول الشرط والجزء الذي نقص٣ واختلفوا في كون النقص نسخا لجميع المنقوص منه إلى ثلاثة مذاهب:
الأول: أنه ليس بنسخ للمنقوص منه مطلقا. وإليه ذهب معظم الحنفية والمالكية والجمهور من الشافعية والحنابلة على الصحيح في المذهب٤.
الثاني: أنه نسخ مطلقا. وإليه ذهب بعض الحنفية٥ وبعض الشافعية٦.
الثالث: أن نقص الجزء نسخ دون نقص الشرط٧.
الأدلة:
أولا: أدلة المذهب الأول:
استدل القائلون بأن نقص الجزء والشرط ليس نسخا للمنقوص عنه بما يلي:
_________
١ النسخ في اللغة: الإزالة. وفي الاصطلاح: "رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ عه ".
انظر: مفردات القرآن (ص/٥١٢) وشرح الكوكب المنير (٣/٥٢٥) .
٢ راجع: إحكام الفصول (ص/ ٤٠٩) وشرح المحلى على جمع الجوامع (٢/١١٤) وشرح الكوكب المنير (٣/٥٨٤) .
٣ راجع: التمهيد قي أصول الفقه (٢/ ٨ ٠ ٤) وفواتح الرحموت (٢/ ٩٤) .
٤ راجع: تيسير التحرير (٣/ ٢٢٠) وأحكام الفصول (ص/ ٤٠٩) وشرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ١١٤) والعدة في أصول الفقه (٣/٨٣٧) .
٥ منهم: الكرخي، وعبد العزيز البخاريَ، وعبد العلي الأنصاري.
انظر: ميزان الأصول (ص/ ٧٢٩) وكشف الأسرار (٣/ ١٦٧٩) وفواتح الرحموت (٢/ ٩٤) .
٦ منهم الغزالي. انظر: المستصفى (١/ ١١٦) .
٧ وإليه ذهب عبد الجبار المعتزلي. انظر: المعتمد (١/ ٤٤٧) والتمهيد (٢/ ٤٠٨) والمسودة (ص/ ٢١٣) .
1 / 17
١ - لو كان نقص الجزء والشرط نسخا للمنقوص منه لاحتاج إلى دليل آخر يثبت حكمه وهذا الاحتياج باطل.
وجه الملازمة: أن كون النقص نسخا يقتضي ارتفاع الدليل الدال على حكم المنقوص منه جريا على مقتضى النسخ من كونه رفعا وإزالة، وعندئذ: إما أن يكون حكم المنقوص منه ثابت بلا دليل بناء على عدم احتياجه إلى دليل آخر، وإما أن يحتاج إلى دليل آخر، وكونه ثابتا بلا دليل متفق على بطلانه، فتعين حاجته إلى دليل آخر.
ووجه بطلان اللازم الذي هو الاحتياج هو: أن الاتفاق مع الأطراف المختلفة حاصل على أن حكم المنقوص منه ثابت بعد النقص دون حاجة إلى دليل غير الدليل المثبت له قبل النقص١.
وأجيب عن هذا الدليل بما يلي:
أ - بمنع الملازمة وعدم التسليم بإفضاء كون النقص نسخا للمنقوص منه إلى الاحتياج إلى دليل آخر لإثْبات حكمه.
لأن دليل التنقيص هو نفسه يدل على بقاء الباقي. فالنص الدال على النقص مزدوج الدلالة، فقي الوقت الذي يدل على زوال المنقوص، يدلى على بقاء المنقوص منه أيضا، وازدواجية الدلالة هذه شأن كل دال أن على النقصان وأمثاله، ومن هنا ينتفي الاحتياج إلى دليل غير الأول، وبالطبع ينتفي ثبوت الحكم بلا دليل.
ب - النقض بلزوم الحاجة إلى دليل آخر على تقدير التسليم بعدم النسخ أيضا لأن النص الدال على المجموع (المنقوص، والمنقوص منه) قد ارتفع بورود الدال على النقص الذي اتفق على كونه نسخا للمنقوص.
لأن الدليل الأول إنما كان يدل على حكم المنقوص منه في ضمن حكم المجموع ولم يكن دالا على حكم المنقوص منه فقط استقلالا. وقد ارتفعت دلالته على المجموع بورود النقص فلم يبق دليلا، فيحتاج الباقي المنقوص منه إلى دليل آخر يثبت حكمه.
فإذا لم تكن الحاجة إلى دليل آخر مانعة من نسخ المنقوص، لا تكون تلك الحاجة مانعة من نسخ الباقي المنقوص منه أيضا ٢.
_________
١ راجع. التحرير مع التيسير (٣/ ٢٢٠) والمختصر مع العضد (٢/٢٠٣) وشرح الكوكب المنير (٣/ ٣٨٣) .
٢ راجع. فواتح الرحموت ٢/٩٤-٩٥)
1 / 18
٢ - لو كان النقص نسخا للجميع للزم أن يكون التخصيص موجبا لسقوط جميع ما تضمنه العام المخصوص. واللازم باطل، فيبطل ما يستلزمه، وهو كون النقص ناسخا للجميع.
وجه الملازمة.
أن النقص والتخصيص صنوان في أن كلا منهما إخراج لبعض ما تناوله اللفظ. ولا فرق بينهما من حيث ذات الإِخراج، فيؤدي كون النقض نسخا للجميع إلى كون التخصيص إسقاطا للجميع، وإلا لزم التحكم والتفريق بين المتماثلين. وكل ذلك لا يجوز.
ووجه بطلان اللازم هو:
أن الاتفاق حاصل بين جميع الأطراف المختلفة على أن التخصيص لا يؤدي إطلاقا إلى سقوط جميع ما تناوله النص العام المخصوص١.
ويمكن أن يجاب عن هذا الدليل بمنع الملازمة ووجود الفرق بينهما، النقص والتخصيص لأن النقص أعم من التخصيص حيث يشمل رفع ما أريد رفعه أيضا.
أما التخصيص فهو دفع فقط. والأعم لا يستلزم أن يكون حكمه حكم الأخص لجواز أن يكون حكم الأعم بالنسبة لما لا يلتقي فيه مع الأخص.
٣ - أنّ النّسخ إزالة وهي تنافي البقاء. والمنقوص منه باق ثابت والإِزالة إنما تتعلق ببعض مدلول النص الدال عليه، وهذا لا يستلزم تعلقها بجميع المدلول لأن الناقص والمنقوص منه أمران لكل منهما حكمه، ونسخ أحد الحكمين لا يستلزم نسخ الحكم الآخر٢.
وقد أجيب عن هذا الدليل:
بأن الإزالة والبقاء إنما يتنافيان إذا كانا من جهة واحدة. أما إذا اختلفت جهتهما فإن أحدهما لا يستلزم نفي الآخر.
وبقاء المنقوص منه بعد النقص من جهة حكمه السابق من وجوب وغيره ونسخه من جهة أخرى وهي الإِجزاء وعدم الإجزاء وحده. فقد يكون باقيا من الجهة الأولى زائلا من الجهة الثانية.
_________
١ راجع: ١لعدة٣/ ٨٣٨، والتمهيد (٢/٤٠٨) .
٢ انظر: إحكام الفصول (ص/ ٤١٠) والأحكام للآمدي ٣/٥٥٤) .
1 / 19
وإذا كان نسخ أحد الأمرين لا يستلزم نسخ الأمر الآخر، فإن نسخه لا يمنع أيضا من نسخ الآخر١.
أدلة المذهب الثاني:
استدل القائلون بأن نقص الجزء والشرط نسخ للمنقوص منه مطلقا بما يلي:
ا - أن المنقوص منه عندما يكون واجبا تكون حرمته ثابتة بلا جزء أو شرط قبل ورود ما أنقص الجزء أو الشرط، فما كان الإتيان به جائزا بدونهما وبورود النقص قد ارتفعت هذه الحرمة، فأصبح الإتيان بالمنقوص منه بدون الجزء أو الشرط الذي نقص جائزا.
وكل من الحرمة والجواز حكم شرعي، فيكون رفع أحدهما بالآخر نسخا، لأن النسخ ما هو إلا رفع لحكم شرعي بحكم شرعي متراخ عنه٢.
وأجيب عن هذا الدليل:
بأن حرمة المنقوص منه بدون الجزء أو الشرط معناها وجوبهما فيه، وجوازه بدونهما معناه عدم وجوبهما فيه.
فالذي ارتفع إذًا إنما هو وجوب الجزء أو الشرط، وهو حكم لهما لا له، فيستلزم ارتفاعه نسخهما لا نسخه.
وكون إنقاصهما نسخا لهما مما لا خلاف فيه، والكلام إنما هو في نسخ المنقوص منه والدليل لم ينهض لإثباته٣.
دفع هذا الجواب:
لم يعتبر المستدلون هذا الجواب هازا لدليلهم، واعتبروا أن تقرير الدليل هو الذي شق له الطريق، فسعوا إلى سد المنفذ الذي نفذ منه الجواب بتقرير الدليل على وجه آخر يتلخص فيما يلي:
إن إجزاء المنقوص منه قبل النقص كان مقيدا باقترانه بالجزء أو الشرط. وبعد النقص أصبح مطلقا في إجزائه، وزال عنه التقيد بحال الاقتران. وبهذا يكون حكم المنقوص منه قد تغير من التقييد إلى الإطلاق وأن النقص أزال قيد الاقتران.
_________
١ راجع. إحكام الفصول (ص ٤١٠) .
٢ راجع: مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت (٢/ ٩٣) .
٣ المرجع السابق.
1 / 20
والنسخ هو الإزالة. فيكون النقص نسخا للمنقوص منه١.
وبهذا التقرير للدليل اطمئنوا إلى أنه لا ينخدش بتصبيب التغير جراء النقص على حكم الجزء أو الشرط وإبعاد المنقوص منه عن ساحته، لأن التغير قد انصب على حكم المنقوص منه بناء على هذا التقرير.
ولم يروا التلازم بين تقيد إجزاء المنقوص منه قبل النقص بحال مقارنته للجزء أو الشرط وبين كون كل منهما واجبا فيه يقضِ مضجع الدليل. لأنهم رأوا في هذا التلازم مسعفا للتغاير بينهما. إذ كون المنقوص منه مجزءًا حال المقارنة بالجزء أو الشرط ملازما لكونهما واجبين فيه، يدل على أن ذلك الإجزاء غير ذلك الوجوب، لأنه من المسلم به، أن اللازم غير الملزوم لا أنه عينه، لأن اللازم لا يكون عين الملزوم.
فالإِجزاء صفة للمنقوص منه، والوجوب صفة للجزء أو الشرط فلا يكون أحدهما الآخر٢.
٢ - أن المنقوص منه قبل النقص كان مطلوبا ضمن الكل وهو المجموع المكون من المنقوص منه والجزء أو الشرط، ولم يكن وحده مقصودًا بالطلب، مستقلا فيه عن جزئه أو شرطه. وبعد النقص أصبح وحده مقصودا بالطلب مستقلا٣.
وبهذا يكون الحكم قد تغير بالنسبة له، حيث استجد له حكم - وهو استقلاله في كونه مطلوبا - لم يكن ثابتا له قبل النقص، وزال عنه حكم - وهو عدم كونه مطلوبا بالاستقلال بل ضمن الجميع - كان ثابتا له قبل النقص، وهذا هو االنسخ. فيكون النقص نسخا للمنقوص منه٤.
وقد أجيب عن هذا الدليل:
بأن الذي زال إنما هو طلب الجزء أو الشرط. وأما المنقوص منه فإنه باق على الطلب الأصلي الثابت له قبل النقص، ولم يتجدد بالنسبة له شيء فلم يزل عنه حكم، ولم يثبت له آخر، فلم يتأت بالنسبة له النسخ٥.
٣ - أن الشيء المطلوب إذا نقص منه واقتصر على بعضه، فإن ذلك النقص ينسخ
_________
١ راجع: فواتح الرحموت (٢/ ٩٥) .
٢ انظر: المرجع السابق
٣ المرجع السابق.
٤ المرجع السابق.
٥ المرجع السابق.
1 / 21
أصل المطلوب. لأن حقيقة النسخ، الرفع والتبديل. وقد كان حكم الكل أنه مطلوب جميعه وبالنقص نسخ ذلك بالكلية، لأن البعض الباقي المقتصر عليه مطلوب آخر استؤنف طلبه لا أنه بعض من المطلوب الأول.
فمثلا: لو أنقص الشارع من الصلاة الرباعية ركعتين واقتصر عليهما، فإن الركعتين عبادة أخرى غير الرباعية لا أنهما بعض منها.
ويدل على نفي هذه البعضية أن من صلى الصبح أربعا لا يعتبر أنه أتى بالواجب وزيادة. فلو كانت الركعتان بعضا من الأربع للزم أن يكون آتيا بالواجب وزيادة لأن الدرهم الواحد لما كان بعضا من الدرهمين، كان الذي وجب عليه درهم فتصدق بدرهمين آتيا بالواجب وزيادة١.
وأجيب عن هذا الدليل:
بأن كون البعض الباقي مستأنف الطلب في حيز المنع، لأن الطلب الأول بالنسبة له ما زال باقيا، وأن عدم اعتبار صلاة ممن صلى الصبح أربعا لا ينفي هذه البعضية لأن عدم الاعتبار هذا لا دخل له بالبعضية، أوعدمها، وإنما هو ناشئ من تحريم الزيادة في الصلاة.
ولذا فإن الزيادات عندما لا تكون محرمة، أو محرمة لكن لا لذاتها، يكون الآتي بالمزيد عليه مع الزيادة آتيا بالمطلوب حيث يكون المزيد عليه مجزئا فلا يشكل عليه التصدق بدرهمين رغم كون المطلوب واحدا، لأن الضم والزيادة ليست محرمة ولا بالزيادة في الجلدات، حيث تكون الجلدات المقررة مع الزيادة مجزئة. لأن الزيادة وإن كانت محرمة إلا أن تحريمها ليس لذاتها، بل لكونها إضرارا بالمجلود.
فإذا علمنا أن الزيادة في الصلاة محرمة لذات الزيادة ظهر لنا الفرق بينها وبين التصدق والجلد٢.
دليل المذهب الثالث
استدل الذاهبون إلى أن نقص الجزء نسخ دون الشرط بما يلي:
إن نقص الجزء رفع لنفي إجزاء الكل من دون ذلك الجزء. حيث كان الكل لا يجزئ
_________
١ راجع: المستصفى (١/ ١١٦) .
٢ انظر النفائس (٢/ ٢٨٦) .
1 / 22
بل النقص من دون ذلك الجزء، لأن ذلك الجزء" كان داخلا في ماهية الكل محققا مع الأجزاء الأخرى لحقيقته. وبالنقص أصبح مجزئا بدونه فارتفع عدم الإِجزاء. وهو حكم شرعي إن كان الكل مطلوبا شرعا فيكون رفعه نسخا.
وأما الشرط فإنه تابع للمشروط خارج عن ماهيته.
ونسخ التابع لا يكون نسخا للمتبوع لأنهما كيانان. فإذا ارتفع أحدهما لمقتض اقتصر عليه، لا يقتضي ذلك ارتفاع الآخر لأن رابطة الشرطية مهما قويت لا تنفي التغاير بين الشرط والمشروط١.
قد أجيب عن هذا الدليل:
بأن نسخ الباقي لو تصور فإنما يتصور بالنسبة لإِجزائه أو عدم إِجزائه، ولا فرق بين الجزء والشرط في توقف هذا الإجزاء عليهما واعتداده بهما. كما أنه لا فرق بينهما في زوال اعتباره شرعا بفقدانهما.
ولو أنعم النظر فإنه يصل إلى أن مآل الجزء فيما ذكر من الإجزاء وعدمه إلى الشرط، لأن الجزء قبل النقص كان شرطا أيضا بالنسبة للباقي، حيث إنه خارج عنه، واعتداده موقوف عليه وما الشرط إلا هذا٢.
هذا الجواب بناء على تسليم كون الإِجزاء أو عدمه حكما شرعيا. وهناك من لم يسلم ذلك فأجاب عن الدليل بجواب ثان مفاده:
أن الإِجزاء عبارة عن موافقة الأمر وعدم القضاء وموافقة الأمر نسبة عدمية بين الفعل والأمر لأنهما عبارة عن عدم المطالبة به، وعدم القضاء عبارة عن عدم ورود نص بطلبه، فانتفى عن الإِجزاء وعدمه أن يكونا حكمين شرعيين لأمرين:
أحدهما: عدميتهما. والحكم الشرعي إنما هو حكم الله تعالى الوجودي المتعلق على وجه خاص.
ثانيهما: أنهما عبارتان عن النسبة وعدمها، والنسب أو عدمها ليست أحكاما شرعية، فلا يكون رفعها نسخا٣.
_________
١ راجع: المعتمد (١/ ١٤٨) والمستصفى (١/١١٦) والمحصول (٣/٥٥٩) .
٢ أنظر: فواتح الرحموت (٢/ ٩٤) .
٣ راجع النفائس (٢/٢٨٥) .
1 / 23
دليل المذهب الرابع
استدل القائلون بأن نقص الجزء والشرط نسخ إن غير حكم المنقوص وإلا فلا بما يلي:
إن النسخ عبارة عن إزالة الحكم الثابت بالشرع المتقدم بدليل شرعي متأخر عنه والمنقوص منه الباقي بعد النقص قد كان تقدم ورود الخطاب بأنه بانفراده ليس مطلوبا واستقر ذلك وثبت. فإذا ورد بعد ذلك خطاب بأنه مطلوب تام بانفراده فإن ذلك يكون نسخا له.
ومثلوا له بما لو نقصت ركعتان من أربع ركعات فإن هذا النقص يغير حكم الركعتين الباقيتين من عدم كونهما عبادة بانفرادهما إلى كونهما عبادة تامة.
أما النقص الذي لا يغير حكم المنقوص منه فإنه لا يتأتى فيه معنى النسخ من الإزالة والرفع، فلا يكون نسخا.
وقد مثلوا له بما لو نقص الشارع ستر العورة من الصلاة أو وقوف المأموم عن يمين الإمام١.
_________
١ راجع: إحكام الفصول (ص/ ٤١٠) .
المطلب الثاني: الموازنة والترجيح ... المطلب الثاني: الموارنة والترجيح بالرجوع إلى الأدلة التي احتجت المذاهب بها يظهر ما يلي: ١- أن المذهب الأول القائل بأن النقص من النص ليس بنسخ مطلقا قد ساق ثلاثة أدلة قدحت الإجابة في نهوض اثنين منها للحجية وهما الأول والثالث ولم أطلع على إجابة عن الثاني المتمثل في قياس نقص الجزء والشرط على التخصيص، واستلزام ناسخيه النقص للمنقوص منه لكون التخصيص ناسخا للباقي بعده. وبإنعام النظر يتبين للناظر أن هذا القياس قياس مع الفارق وأن التلازم في حيز المنع. ووجه الفرق أن النقص أعم والتخصيص أخص. تكمن أعمية النقص في شموله لرفع ما أريد من النص بعد ثبوته، ودفع ما تناوله النص من أن يثبت قبل ثبوته. وتكمن أخصية التخصيص في انحصاره في دفع ما تناوله النص من أن يثبت. والأعم لا يستلزم أن يكون حكمه حكم الأخص، لجواز أن يكون حكم الأعم بالنسبة لأفراده التي لا يلتقي فيها مع الأخص، فلا يلزم من كون النقص نسخا، كون التخصيص نسخا مثله فامتنعت الملازمة وخرجت الإجابة عن هذا الدليل أيضا.
المطلب الثاني: الموازنة والترجيح ... المطلب الثاني: الموارنة والترجيح بالرجوع إلى الأدلة التي احتجت المذاهب بها يظهر ما يلي: ١- أن المذهب الأول القائل بأن النقص من النص ليس بنسخ مطلقا قد ساق ثلاثة أدلة قدحت الإجابة في نهوض اثنين منها للحجية وهما الأول والثالث ولم أطلع على إجابة عن الثاني المتمثل في قياس نقص الجزء والشرط على التخصيص، واستلزام ناسخيه النقص للمنقوص منه لكون التخصيص ناسخا للباقي بعده. وبإنعام النظر يتبين للناظر أن هذا القياس قياس مع الفارق وأن التلازم في حيز المنع. ووجه الفرق أن النقص أعم والتخصيص أخص. تكمن أعمية النقص في شموله لرفع ما أريد من النص بعد ثبوته، ودفع ما تناوله النص من أن يثبت قبل ثبوته. وتكمن أخصية التخصيص في انحصاره في دفع ما تناوله النص من أن يثبت. والأعم لا يستلزم أن يكون حكمه حكم الأخص، لجواز أن يكون حكم الأعم بالنسبة لأفراده التي لا يلتقي فيها مع الأخص، فلا يلزم من كون النقص نسخا، كون التخصيص نسخا مثله فامتنعت الملازمة وخرجت الإجابة عن هذا الدليل أيضا.
1 / 24
٢ - وأما المذهب الثاني فإنه قد أتى بثلاثة أدلة أيضا. وقد تصدوا لها بالإجابة عنها. غير أن الأول منها المتضمن ثبوت حرمة المنقوص منه - إن كان واجبا - بدون الجزء والشرط قبل النقص وارتفاع تلك الحرمة بالنقص قد دفع الجواب عنه بما يظهر أنه أعاد القوة إليه للنهوض للحجية.
٣ - أما المذهب الثالث فقد أجيب عن دليله الوحيد.
٤ - وأما المذهب الرابع فإنه قد سبك دليله الوحيد سبكا أتقن إحكامه بحيث سد المنافذ التي يمكن أن ينفذ منه الغبار المثار عن الاعتراضات. ويرجع ذلك إلى انتزاع دليله من واقع النسخ، وحقيقته التي يقرها الجميع، فعلق كون النقص نسخا على تأتي هذه الحقيقة ونفى نسخيته على انتفائها، فأصبح الدليل بمنجاة عن الإجابة عنه والاعتراض عليه.
صحيح أن المذهب نفسه قد ترك المجال أمام الاعتراض بأنه علق النسخ على التغيير وهما شيء واحد، لأن دليله أنبأ أن مراده من التغيير الرفعِ والإزالة بخصوصهما وليس التغيير بمعناه الأعم الشامل للرفع والدفع والتقييد، فيكون مآل المذهب أن النقص نسخ إن كان نسخا. وتعليق الشيء على نفسه خال عن التحصيل ممتنع.
لكن بيان المراد من المذهب بأن أمر النقص من حيث كونه نسخا أو ليس بنسخ لا ينضبط كليا لا إثباتا ولا نفيا، فلا يحكم على كل نقص بأنه نسخ ولا يحكم عليه كله بأنه ليس بنسخ، بل في بعض الأحكام يكون مغيرا لحكم شرعي فيكون نسخا وفي بعض الأحكام لا يكون مغيرا فلا يكون نسخا.
هذا البيان يسد ذلك المجال لهذا الاعتراض فيعيد المذهب إلى نطاق المذاهب المفيدة الحاوية للتحصيل.
بقي النظر في تمثيله، ففي الوقت الذي لا تختلف وجهات النظر - في نظري - في كون الأول (نقص ركعتين من أربع) مغيرا نجد تلك الوجهات مختلفة في عدم كون الثاني (نقص ستر العورة أو وقوف المأموم على يمين الإمام) مغيرا.
فإن هناك من يجعل نقص الشرط مغيرا وبين وجه تغييره للمنقوص منه.
وعلى كل فإن اختلاف وجهات النظر في المثال لا يقدح في الممثل له. ومن جهة
1 / 25
أخرى، فإن التمثيل للمغير وغير المغير بهذين المثالين قد يدخل في الروع رجوع هذا المذهب إلى المذهب القائل بكون نقص الجزء نسخا دون الشرط، ولكن إذا لوحظ أن المغير أعم من الركن والشرط وكذلك غير المغير إذا غض النظر عما يلازمهما، يتلاشى وهم هذا الرجوع، إذ الشرط إذا ثبت تغيير نقصه للمنقوص منه يكون نسخا عند هذا المذهب دون المذهب الآخر.
وقبل أن نغادر هذا الموطن لابد من العودة إلى الدليل الأول من أدلة المذهب الثاني
القائل بالنسخ مطلقا والذي تمثل دليله في أن المنقوص منه إذا كان واجبا، فإن نقص الجزء أو الشرط يرفع حرمته بدونهما قبل النقص.
وسبب العودة إليه هو أن هذا الدليل وإن أجيب عنه غير أن الجواب عنه قد دفع مما يجعل الدليل ناهضا، ومعنى نهوض الدليل قيام المذهب، وربما ترجيحه، وبإنعامِ النظر في دفع الجواب يتبين أنه يعود إلى جعل النقص مغيرا لإِثبات النسخ له، مما يجعل مآله راجعا إلى هذا المذهب.
وبهذا يظهر لي رجحان هذا المذهب القائل بالنسخ عند التغيير وعدمه عند عدمه. والله أعلم.
1 / 26
الصالح لها بلا حصر" مثل: الإِنسان. فإنه يتناول دفعة واحدة كل ما يصلح أن يكون فردا من أفراده، مندرجا تحته. مثل زيد وعمرو وبكر وغيرهم، ولا ينبئ عن انحصار هذه الأفراد في عدد معين.
ويقصد بقصره على بعض أفراده بيان أنه عند وروده أريد به بعض من تلك الأفراد الصالحة للانضواء تحته. مثل قوله ﷾: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ ١. فإن (من) في ﴿فَمَنْ شَهِدَ﴾ من ألفاظ العموم يتناول جميع الشاهدين للشهر المقيمين منهم والمسافرين، الأصحاء منهم والمرضى. فجاء قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ وأخرج المرضى والمسافرين من حكم من شهد الشهر وهو وجوب الصوم المستفاد من الأمر به بـ ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾ وقصر ذلك على المقيمين الأصحاء الذين هم بعض أفراد (من) في ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وبيَّن أنهم هم المقصودون بهذا الحكم وأن غيرهم من المرضى والمسافرين لهم أن يفطروا في شهر رمضان حال مرضهم وسفرهم، ويصوموا مكان الأيام التي أفطروا فيها عدة من أيام أخر.
الفرع الثاني: العلاقة بين التخصيص والنسخ:
بيان العلاقة بين التخصيص والنسخ يتطلب ذكر أنواع النسخ باعتبار الأفراد المرفوع عنها الحكم لتعيين النوع الذي يعقد التشابه رابطة تربطه بالتخصيص فتميزه أوجه الفرق عنه.
فالنسخ بهذا الاعتبار نوعان:
الأول: نسخ الحكم بالنسبة لجميع أفراد العام، ومثلوا له بقوله ﷾: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم﴾ ٢.
ذكروا أن هذه الآية نسخها قوله تعالى: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ٣.
_________
١ البقرة: ١٨٥.
٢ المجادلة ١٢٠.
٣ المجادلة: ١٣.
1 / 27
فالآية الكريمة الأولى عامة شملت جميع المؤمنين، فعمهم الأمر بتقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول ﷺ وشملهم وجوبه. ومما دل على هذا العموم، اسم الموصول ﴿الَّذِينَ﴾ إذ هو من ألفاظ العموم.
والآية الكريمة الثانية أيضا عامة، لأنها خوطب بها من خوطب بالأولى. فرفعت عن الجميع وجوب التقديم١.
وهذا النوع لا يربطه بالتخصيص تشابه، ولا يلتبس به لأن الحكم كان متعلقا بجميع الأفراد عند نزوله ثم انتهى عنها جميعا بعد ذلك.
والتخصيص لا ينهي الحكم عن جميع أفراد العام، بل لا بد من بقاء بعض من الأفراد ينتهي إليه التخصيص.
النوع الثاني: نسخ الحكم عن بعض أفراد العام:
وقد مثلوا له بقوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ ٢ وذكروا أنه نسخ من هذه الآية الكريمة حكم الحامل بقوله تعالى: ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ ٣.
فالآية الكريمة الأولى عامه تتناول جميع المطلقات، فتوجب عليهن أن يعتدن ثلاثة قروء، ودل على هذا العموم لفظ ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ﴾ حيث إنه جمع معرف ب (أل) وهي من صيغ العموم.
والآية الكريمة الثانية خاصة بالحاملات جعلت عدتهن وضع الحمل، فذكروا أنها نسخت بالنسبة لهن العدة بتربص ثلاثة قروء.
وبهذا تكون الثانية ناسخة للأولى نسخا جزئيا، لأنها رفعت حكم الأولى بالنسبة لبعض أفرادها وهو الحوامل، دون البعض الآخر وهو غير الحوامل، وقد كانت المطلقات عامة شاملة للصنفين٤.
وهذا النوع يربطه بالتخصيص علاقة اشتراكهما في اختصاص الحكم ببعض ما يتناوله
_________
١ راجع: جامع البيان (٢٨/ ٥ ا-١٦) ونواسخ القرآن (ص/ ٤٧٨- ا ٤٨) .
٢ البقرة: ٢٢٨.
٣ الطلاق: ٤.
٤ انظر: جامع البيان (٢/ ٢٦٤) ونواسخ القرآن (ص/ ٢٠٦) والدر المنثور (١/ ٢٧٤) .
1 / 28