185

The Music of Remembrance

العزف على أنوار الذكر

ژانرونه

وإذا ما كانَّا لا نعلم حقيقة خشوع الأرض وهمودها وإهتزازها وربوها وأحيائها فليس معنى ذلك أن نسقط علمنا بحقائق هذه الأوصاف فى غير الأرض على حقيقتها فيها، ذلك أنَّ منطق فقه العربية يقضِي أن تفهم حقائق الأفعال وفق حقائق فاعليها، فنحن لا نفهم فعلًا من الله ﷾ كمثل فهمنا ذلك من أحدنا، ولا نفهم فعلًا أسنده الله العليم ﷾ إلى الأرض أو السماء كمثل فهمنا ذلك الفعل حين يُسند إلى أحدنا، فإنَّ الأرض والسماء وما شاكلهما هي عند الله ﷻ ليس كما هي عندنا، فليس ثّمَّ مقتضٍ إسقاط حقائق أفعال الإنسان على حقائق أفعال غيره فى بيان الله ﷿.
ومما قيل فيه بالمجاز وليس فيه قول الله ﷾:
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا ولِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (فصلت:١١)
فهذا ليس من التصوير المجازى فى شىء إذا هو وصف للحقيقة المطلقة سواء فى (اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ) أو (قالَ لَها ولِلأَرْضِ) و(قَالَتَا أتَيْنَا طَائِعِينَ) فهو قول على الحقيقة من الله ﷾ للسماء والأرض، وقول منهما أيضًا على الحقيقة.
وكذلك قول الله ﷻ: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (الأحزاب:٧٢)
لا أرى أنه على سبيل التمثيل المفروض المتخيل والتصوير المجازى، بل هوحقيقة كانت من الله الخالق القادر ﷾.

1 / 185