The Literary Image: History and Criticism
الصورة الأدبية تاريخ ونقد
خپرندوی
دار إحياء الكتب العربية
د ایډیشن شمېره
-
ژانرونه
والمنطق الموشح، قد هذب كل التهذيب وثقف غاية التثقيف، وجهد فيه الفكر، وأتعب لأجله الخاطر، حتى أضحى ببراءته على المعايب، واحتجز بصحته عن المطاعن، ثم تجد لفؤادك عنه نبوة، وترى بينه وبين ضميرك فجوة"١.
ثم يضرب صورة للمصنوع المثقل بالألفاظ، والبدائع من البيان، بشتى ألوانها؟ ويضرب صورة أخرى، لما هو دون ذلك في الاهتمام، من لفظ سهل قريب المأخذ، ونظم خال من الصنعة، يكاد يخلو من البيان والبديع، ومع ذلك لا تجد الصورة الأولى طريقها إلى القلب، وتجد الثانية في سحر وبراعة، وتستريح إليها النفس، وتعتريها من النشوة والطرب، ما يجعلها للثانية، وتفتر عن الأولى وتضعف، يقول القاضي: "وقد تنزل أبو تمام فقال:
دعني وشرب الهوى يا شارب الكاسي ... فإنني للذي حسيته حاسي
لا يوحشنك ما استسمجت من سقمي ... فإن منزله من أحسن الناس
من قطع أوصاله توصيل مهلكتي ... وصل ألحاظه تقطيع أنفاسي
متى أعيش بتأمل الرجاء إذا ... ما كان قطع رجائي في يدي باسي
فلم يخل بيت منها، من معنى بديع، وصفة لطيفة، طابق وجانس، واستعار فأحسن، وهي معدودة من المختار من غزله -وحق لها- فقد جمعت على قصرها فنونًا في الحسن، وأصنافًا من البديع، ثم فيها من الإحكام والمتانة، والقوة ما تراه ولكن ما أظنك، تجد له من سورة الطرب، وارتياح النفس، ما تجده لقول بعض الأعراب:
أقول لصاحبي والعيس تهوي ... بنا بين المنيفة فالضمار
تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار
_________
١ الوساطة للقاضي الجرجاني ص٣٧.
1 / 44