The Linguistic Miracles in the Quran - Madinah University
الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم - جامعة المدينة
خپرندوی
جامعة المدينة العالمية
ژانرونه
أنه كان ينزّل الأمر على النبي ﷺ مجملًا أي غير واضح في الدلالة القطعية على أمرٍ ما، فربما يتحير النبي ﷺ وأصحابه في المراد بهذا القول الكريم، حتى يفسّره الله ﷾ له ويبينه له ﷾.
من ذلك القصة المشهورة في خواتيم سورة البقرة، وما كان من شأن أصحاب النبي ﷺ عندما نزل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (البقرة: ٢٨٤) نزلت هذه الآية الكريمة على أصحاب النبي ﷺ، فكان لها من الشأن الذي يشغلهم والذي يجعلهم يحتارون في هذه المسألة؛ يُحاسبون على ما يخفون في أنفسهم!! فهذا لا يطيقه أحد، هم يحاسبون على ما يفعلون أو ما يظهر من أمرهم أما أن ذلك ينزل بحساب الخواطر وبحساب حركات القلب وبحساب ما يريد الإنسان فعله ولم يفعله؛ فهذا أمر عظيم استعظمه أصحاب النبي ﷺ، فذهبوا إلى رسول الله ﷺ يسألونه في هذا الأمر وفي أن هذه الآية صعبة عليهم، فما كان منه ﷺ إلا أن قال: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم "سمعنا وعصينا" بل قولوا: "سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" فجعلوا يتضرعون بهذه الدعوات حتى أنزل الله بيانها بقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: ٢٨٦).
فنزلت الآيات بردًا وسلامًا على أصحاب النبي ﷺ؛ فيها التعليم وفيها البشارة وفيها الإخبار لهم بأن يتضرعوا إلى ربهم بهذه الدعوات المباركات، ويلجئوا به إلى الله ﷾؛ فذلك دليل واضح على أن النبي ﷺ لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره؛ لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه، ولم يكن يتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع
1 / 62