123

The Linguistic Miracles in the Quran - Madinah University

الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم - جامعة المدينة

خپرندوی

جامعة المدينة العالمية

ژانرونه

فـ "ثم" تأتي أيضا للترتيب الذكري: فلا تفيد التراخي والمهلة ولا تفيد أن الثاني بعد الأول، بل ربما يكون قبلها، ويُستدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ (النساء: ١٥٣)، وكذلك قوله ﷾: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ (هود: ١)، وقوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ (الأنعام: ٢) فقضاء الآجال قبل الخلق، كما صح في الحديث القدسي، وكذلك قوله ﷾: ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ (التكاثر: ٧، ٨) فالسؤال عن النعيم قبل الرؤية، وكذلك ثم تستخدم بمعنى الواو، قال تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ (هود: ٣)، وقال ﷾: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهٌَ﴾ (البقرة: ١٩٩)، وقال ﷾: ﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ﴾ (السجدة: ٨، ٩) وقد تكون على أصلها معطوفة على قوله تعالى: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ﴾ (السجدة: ٧ - ٩) فخُرجت على قولين أن ثم بمعنى الواو أي وسواه ونفخ فيه من روحه أو أنها معطوفة على قوله: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾.
كذلك ثم تأتي لمعنى الاستبعاد: أي استبعاد مضمون ما بعدها عن مضمون ما قبلها، وعدم مناسبته لها ويعبر عنها بتفاوت المرتبة بينهما، قال تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ (البقرة: ٨٥)، ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ (هود: ٣) فبين التوبة وطلب المغفرة بون بعيد. كذلك تأتي للتراخي في الرتبة لا في الزمان؛ يعني لا يُشترط أن تكون "ثم" تدل على التراخي في الزمن فقد يكون التراخي تراخيًا في الرتبة، قال تعالى: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ *

1 / 139