وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود أن يهوديًا جاء إلى النبي ﷺ فقال: يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر: ٦٧] (١) .
وهذا القبض للأرض والطي للسماوات يقع بعد أن يفني الله خلقه، وقيل: إن المنادي ينادي بعد حشر الخلق على أرض بيضاء مثل الفضة، لم يعص الله عليها، واختاره أبو جعفر النحاس، قال: والقول الصحيح عن ابن مسعود، وليس هو مما يؤخذ بالقياس، ولا بتأويل.
وقال القرطبي: " والقول الأول أظهر، لأن المقصود إظهار انفراده بالملك، عند انقطاع دعوى المدعين، وانتساب المنتسبين، إذ قد ذهب كل ملك وملكه، وكل جبار ومتكبر وملكه، وانقطعت نسبهم ودعاويهم، وهذا أظهر " (٢) .
المطلب الثاني
دك الأرض ونسف الجبال
يخبرنا ربنا ﵎ أن أرضنا الثابتة، وما عليها من جبال صم راسية تحمل في يوم القيامة عندما ينفخ في الصور فتدك دكة واحدة: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ