204

The Jurisprudential Selections of Shaykh Ubaid Allah Al-Mubarakpuri on Fasting and I'tikaf

الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

ژانرونه

الوجه الثاني: أنه ﷺ صام بعد هذه القصة في السفر، كما جاء ذلك في حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: سافرنا مع رسول الله ﷺ إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله ﷺ: «إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم» فكانت رخصة، فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: «إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا» وكانت عزمة، فأفطرنا، ثم قال: لقد رأيتنا نصوم، مع رسول الله ﷺ بعد ذلك، في السفر (١).
الوجه الثالث: وأما كون الفطر كان آخر الأمرين من رسول الله ﷺ، فالمراد به واقعة معينة، وهي غزاة الفتح، فإنه صام حتى بلغ الكديد ثم أفطر، فكان فطره آخر أمريه، لا أنه حرم الصوم (٢).
الوجه الرابع: أن راوي الحديث وهو ابن عباس ﵁ قد جاء عنه أنه قال: «لا تَعِب على من صام، ولا على من أفطر، قد صام رسول الله ﷺ في السفر وأفطر» (٣).
وقال أيضا: «إنما أراد الله بالفطر في السفر التيسير عليكم، فمن يسر الله عليه الصيام فليصم، ومن يسر عليه الفطر فليفطر» (٤).
فهذا ابن عباس لم يجعل إفطاره ﷺ في السفر بعد صيامه ناسخا للصوم في السفر، ولكنه جعله على جهة التيسير (٥).
ثالثا: وأما استدلالهم بحديث: «أولئك العصاة أولئك العصاة»، فيجاب عنه:
أن النبي ﷺ إنما قال ذلك لأنه قد كان أمرهم بالإفطار في ذاك اليوم بخصوصه، فسماهم عصاة لمخالفة أمره، لا لمجرد الصوم في السفر (٦).

(١) رواه مسلم ٢/ ٧٨٩ رقم ١١٢٠، كتاب الصيام، باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل.
(٢) ينظر: حاشية ابن القيم على سنن أبي داوود ٧/ ٣٥.
(٣) أخرجه البخاري ٣/ ٣٤ رقم ١٩٤٨، كتاب الصوم، باب من أفطر في السفر ليراه الناس، ومسلم ٢/ ٧٨٥ رقم ١١١٣، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر، واللفظ له.
(٤) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٦٦، كتاب الصيام، باب الصيام في السفر، وذكره ابن عبد البر في التمهيد ٢/ ١٧٢.
(٥) ينظر: التوضيح لابن الملقن ١٣/ ٣٣٥.
(٦) ينظر: الروضة الندية لصديق حسن خان ١/ ٢٢٩.

1 / 204