The Jurisprudential Selections of Shaykh Ubaid Allah Al-Mubarakpuri on Fasting and I'tikaf
الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
ژانرونه
وفي لفظ: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (١).
وجه الاستدلال: إن الأصل في العبادات التوقيف على رسول الله ﷺ، ولم ينقل عن النبي ﷺ أنه تلفظ بالنية، وكذلك لم ينقل عن النبي ﷺ أنه عَلَّم أحدا من الصحابة التلفظ بالنية، ولو كان التلفظ مشروعا لنُقِل إلينا كما نُقِلت إلينا أدق أعماله، فعُلِم أن التلفظ بها بدعة مُحدَثة (٢).
الدليل الثالث: ولأنها لم تَرِد عن النبي ﷺ، ولا عن أحد من السلف؛ ولو كانت خيرا لسبقونا إليها (٣).
الدليل الرابع: ولأن النية من أعمال القلب، فلم تفتقر إلى غيره من الجوارح، كما أن القراءة لما كانت من أعمال اللسان، لم تفتقر إلى غيره من الجوارح (٤).
الدليل الخامس: ولأن الصحابة الكرام ﵃ لم ينقلوا إلينا أن النبي ﷺ قد تلفظ بالنية، لا سرا ولا جهرا، ولا أَمَر بذلك، فلما لم ينقله أحد عُلِم قَطعا أنه لم يكن. وحينئذ فتَرْك التلفظ بها هو السُنَّة (٥).
الدليل السادس: ولأن المتابعة كما تكون في الفعل تكون في الترك أيضا، فمن واظب على فعل لم يفعله الشارع، كان قد واضب على فعل مُبتَدع (٦).
الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه لا يشرع التلفظ بالنية في العبادات، ومن ذلك الصوم، بل التلفظ بها بدعة محدثة؛ لأن ذلك لم يثبت، ولو كان التلفظ بالنية مشروعا لبينه الرسول ﷺ وأوضحه للأمة بفعله أو قوله، ولسبق إليه السلف الصالح.
وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:
أولا: أما استدلالهم بحديث عائشة، وقولهم إن النبي ﷺ قد تلفظ فيه بالنية، فيجاب عنه:
(١) رواه مسلم ٣/ ١٣٤٣ رقم ١٧١٨، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور.
(٢) ينظر: شرح العمدة كتاب الصلاة لابن تيمية ص ٥٩١، واتباع لا ابتداع ص ١٠٧.
(٣) ينظر: القبس في شرح الموطأ ١/ ٢١٤، والمدخل لابن الحاج ٢/ ٢٧٤، وكشاف القناع ١/ ٨٧.
(٤) ينظر: الحاوي الكبير ٢/ ٩٢.
(٥) ينظر: حاشية الروض المربع ١/ ١٩٢.
(٦) ينظر: مرقاة المفاتيح ١/ ٤٢، إعلام الموقعين ٢/ ٣٨٩ - ٣٩١.
1 / 168