فهناك فرق بين الترجيح بالصحبة، والترجيح بالكِبَر، فكبار الصحابة وصغارهم متساوون في الصحبة، فهم متساوون في المشاهدة للتنزيل التي هي سبب الترجيح لهم على غيرهم. (^١)
* * *
المطلب الرابع: النافون لحجية مذهب الصحابي من الحنابلة وأدلتهم.
يرى الفريق الآخر: أن قول الصحابي ليس بحجة، والقياس مُقَدم عليه، وهذا قول لبعض الحنابلة كأبي الخطاب (^٢) وغيره. (^٣) وقد أومأ إليه الإمام أحمد ﵀، في مواضع من مسائله منها: قال في رواية أبي داود: (ليس أحد إلا آخذ برأيه وأترك، ما خلا النبي ﷺ. (^٤) وكذلك نقل الميموني (^٥) عنه وقد سأله: (يمسح على القلنسوة (^٦)؟ فقال: ليس فيه عن النبي ﷺ شيء، وهوقول أبي موسى، وأنا أتوقاه). (^٧)
واستدلوا على ذلك بالكتاب والمعقول:
أولًا: الأدلة من الكتاب:
١ - قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ (^٨).
وجه الدلالة: بين الله تعالى أن الرجوع عند الاختلاف في هذه الآية يكون فقط لكتابه ولسنة نبيه ﷺ، ولم يذكر الرجوع إلى مذهب الصحابي، وعدم ذكر ذلك عند الاختلاف دليل وبرهان على عدم