The Impact of the Heart's Work on the Worship of Fasting
اثر عمل القلب على عبادة الصوم
ژانرونه
المسألة الثانية: الخشوع عند تلاوة القرآن
وشهر رمضان هو شهر القرآن أنزل فيه القرآن كما تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ البقرة: ١٨٥.
وكان جبريل ﵇ يلقى النبي ﷺ في كل ليلة من رمضان يدارسه القرآن فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ» (^١).
وتلاوة القرآن وتدبره له مكانة خاصة في شهر رمضان، والخشوع عند تلاوته وهو ثمرة من ثمرات تدبره، والقلوب ترق في رمضان وتخشع أكثر من غيره من الشهور، ويزداد خشوعها حين تقبل على تلاوة القرآن متدبرة لآياته متأثرة بمعانيه، قال تعالى في وصف عباده الصالحين مع القرآن وقد خشعت قلوبهم ودمعت عينهم من خشية الله والشعور بعظمة كلامة وشدة تأثيره، قال سبحانه في وصفهم: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ الإسراء: ١٠٦ - ١٠٩.
وقال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ الزمر: ٢٣.
وقال تعالى في وصفهم: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ مريم: ٥٨.
وقال تعالى وهو يضرب مثلًا بأشد المخلوقات صلابة لعل القلوب تتفكر فتتأثر ثم تقارن حالها بهذا المخلوق الجماد الذي لو نزل عليه القرآن كلام الرحمن الذي خلقه وهو يقدر هذا الكلام حق قدره
_________
(^١) أخرجه البخاري (١/ ٨) ح (٦)، ومسلم (٤/ ١٨٠٣) ح (٢٣٠٨).
1 / 61