The Illumination of Darkness in the Campaigns of the Best of Creation (PBUH)
إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم
خپرندوی
دار المنهاج
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٦ هـ
د خپرونکي ځای
جدة
ژانرونه
[مقدمة التحقيق]
إنارة الدّجى في مغازي خير الورى ﷺ شرح العلّامة المحدّث الأصوليّ الفقيه القاضي حسن بن محمّد المشّاط لمنظومة أحمد البدويّ المجلسيّ الشّنقيطيّ في المغازي (ت ١٢٢٠ هـ تقريبا)
هذا الكتاب سما كالشّمس في الأفق ... وقد وعى أهل هذا البيت فكرته
لأحمد البدويّ المجلسيّ به ... نظم المغازي الّذي قد شمت روعته
وشيخنا حسن المشّاط أوضحه ... بشرحه حقّق الرّحمن بغيته
أسماه باسم جميل علّ نيّته ... مقبولة فأتمّ الله رغبته
أنار فيه الدّجى بما الحبيب غزا ... أفادنا فجزاه الله جنّته
من اسمه حسن والحسن ديدنه ... كأنّ ربّ السّما أعطاه منيته
أم القرى شهدت والبيت والحرم ... بقدره والحجاز الرّحب أثبته
يقضي بمكّة عن علم ومعرفة ... بين العباد أعزّ الله رتبته
وزارنا في بلاد الشّام حين أبي ... رآه سرّ به بل كان بلغته
أجازه بعلوم كالحديث أضف ... فقها أذانا وبالإسناد أبحته «١»
وبيننا نسب ما زال متّصلا ... بالعلم يزكو فنل إن شئت نسبته
حفيده البارع المحمود طوبى له ... معي اعتنى طيّب الرّحمن وجهته
بطبعه وبنشر العلم محتسبا ... مولاي فامح ذنوبي واجل صفحته
وانفع إلهي بهذا السّفر قارئه ... هبه التّأسي بمن أيّدت بعثته
عليه صل على أصحابه مددا ... واخصص أحبّة هادينا وعترته
والحمد لله في بدء ومختتم ... يا ذا الجلال أعنّا نحي سنّته
محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز عيون السّود، الشّيبانيّ
_________
(١) البحت: الصرف، الخالص من كل شيء، وباحته الودّ: خالصه.
1 / 5
القسم الأول الترجمة- الدراسة
1 / 7
ترجمة الشّارح فضيلة الشّيخ حسن محمّد المشّاط «١»
١٣١٧- ١٣٩٩ هـ ولد رحمه الله تعالى بمكة المكرمة، عام (١٣١٧ هـ) نشأ في أحضان أسرة علمية من أسر مكة العريقة (آل مشاط) «٢»، تلقّى تعليمه في رحابها المباركة بالمدرسة الصولتية، وبالمسجد الحرام على يد العلماء الأكابر «٣»، وقد أبدى أثناء تحصيله العلم تفوّقا ونبوغا في الدراسة، أهلاه لأن يكون معاونا في الدروس الابتدائية أثناء تعلمه «٤» .
أقبل على العلم بكليته، شغف به صبيا، وشابا يافعا، وتضاعف شغفه وولعه به كهلا، وشيخا، فكان شريط حياته تعلما وتعليما، استفادة وإفادة.
شجعه على هذا التوجه والاتجاه والداه الكريمان، ومن بعدهما زوجه المصون رحمهم الله تعالى؛ إذ هيّؤوا له جوّا عائليا يعبق بالحب، ويشع بالطهر والصفاء، في رعاية أسرية حانية «٥» .
_________
(١) قد ترجم لفضيلته ترجمة موسعة في كتابه: «الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة» دراسة وتحقيق تلميذه عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان، والمدون هنا رؤوس الموضوعات هناك، وتتم الإشارة بالهامش هنا عن مواطن وجودها في تلك الدراسة.
(٢) انظر (الفصل الأول: مؤلف الكتاب: ولادته، ونشأته) من دراسة كتاب «الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة» (الطبعة الأولى، بيروت، دار الغرب الإسلامي، عام ١٤٠٦)، (ص ١٧) .
(٣) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٣٢) .
(٤) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٢٠، ٢٦) .
(٥) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ١٨- ٢٢- ٢٤) .
1 / 9
حفّته العناية الإلهية سنوات تحصيله، فأوجدت منه محدثا كبيرا، فقيها مالكيا، وأصوليا نحريرا، عالما من علماء السيرة النبوية، متضلعا من العلوم العربية، متحققا بسلوك علماء الآخرة، كل هذا في خشية العالم وتواضعه، وورعه وتقواه، منصرفا عن الدنيا ومظاهرها، عفيف اليد واللسان، كثير الذكر والتأمل «١» .
رحل إلى كثير من البلاد العربية: مصر، والشام، وفلسطين، ولبنان، والسودان، فتعرّف على علمائها، فأجازوه وأجازهم، لم ينقطع عن إفادة الناس فيها، وعقد حلقات الدروس في مساجدها، فحلّ بين أهلها عالما مبجلا «٢» .
أمّا تلاميذه النبغة العلماء.. فهم كثر، ليسوا في مكة وديار الحجاز فقط، بل في البلاد الإسلامية بعامة، وجزيرة العرب بخاصة، في أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، ولهم نتاج علمي غزير، ومؤسسات علمية كثيرة، نشرت النور والمعرفة في أصقاع تلك البلاد.
أمّا حياته العملية والوظيفية.. فإنّ تاريخ مكة العلمي والتربوي يعتز به واحدا من كبار العلماء المدرّسين، الذين كان تعليم أبناء المسلمين هوايتهم، يبتغون به وجه الله، فتخرّجت بهم أجيال من العلماء والمفكّرين والمثقّفين «٣» .
اشتغل بالقضاء بالمحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة زهاء خمسة عشر عاما، من عام (١٣٦١) إلى عام (١٣٧٥) كان مثال النزاهة والعفّة والعدل، له مواقف قضائية تاريخية، تشهد له بسداد الرأي، والتوفيق- بفضل من الله- إلى الحكم الصواب «٤» .
_________
(١) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٢٥) .
(٢) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٢٨- ٣٢- ٥٤) .
(٣) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٣٦- ٤٤) .
(٤) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٤٥- ٥١) .
1 / 10
فلا غرو أن يكون علما بارزا بين العلماء المكّيّين، ذا مكانة رفيعة في الوسط العلمي، والمجتمع المكّي، ﵀ رحمة الأبرار، وأدخله جنّته مع النّبيّين، والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
نشاطه العلمي:
درس بالحرم الشريف، والمدرسة الصولتية، وبمنزلة، لعقود طويلة، منذ شبابه حتى مرحلة شيخوخته ومرضه الذي انتقل بعده إلى جوار ربه، ﵀.
استمرّ يدرس بالحرم الشريف دروسا خاصة وعامة ببرنامج زمني، يكاد يكون نظام العلماء والمدرّسين في هذا المكان المبارك منذ قرون، أمّا العلوم.. فإنّها تختلف من عالم لآخر حسب تمكّنه واتجاهه «١» .
أمّا البرنامج العلمي والزمني لفضيلة الشيخ حسن محمد مشاط، وما دأب عليه تلاميذه وروّاده.. فهو كالآتي:
دروس ما بين المغرب والعشاء:
يخصّص النصف الأول لهذه الفترة لتدريس الفقه المالكي لمجموعة من الطلاب، محدودة العدد، وآخر مجموعة من الدارسين هذا المذهب قد تدرّج بهم من كتب المبادئ في المذهب، مثل: «متن الأخضري» في الفقه، و«منظومة ابن عاشر»، و«متن الرسالة»، حتى منتهيا بها بدراسة «متن سيدي خليل المالكي» .
يخصص النصف الثاني لما بين المغرب والعشاء لدرس عام، يحضره الخاصة والعامة لتدريس أحد كتب الصحاح الستة، دراسة علمية محققة للسند والمتن وفقه الحديث، وقد درسها مرات عديدة متكررة، والكتب بأيدي الطلاب يدونون عنه الفوائد والنكات العلمية.
_________
(١) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٥٢) .
1 / 11
والدرس بعد صلاة العشاء: يخص الليالي الثلاث الأولى من الأسبوع لتدريس اللغة العربية، والليلتين الأخيرتين- ليلة الأربعاء والخميس- لتدريس مادة أصول الفقه، وقد درس عليه الطلاب في هذه العلوم كتب البدايات حتى النهايات.
عدد الدارسين في هذه العلوم وهذه الفترة عدد محدود من طلاب العلم المداومين.
أمّا ليلتا الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع.. فقد اعتاد علماء المجسد الحرام اتخاذهما إجازة أسبوعية.
وعادة ما يبتدئون الدروس ويختمونها بالدعاء مستقبلين الكعبة المشرفة، وما أن يرتفع صوت الحق بأذان العشاء.. حتى تتوقف كافة الدروس، وترتفع الأيدي بالدعاء إلى الله ﷿.
هذه صورة تحكي واقعا يوميا مشهودا كل مساء في المسجد الحرام، ليس فيما يخص فضيلة الشيخ حسن محمّد المشاط، بل هو صحيح بالنسبة لكافة العلماء الذين كانت تمتلئ ساحات المسجد الحرام وأروقته بدروسهم وحلقاتهم العلمية، أمثال الشيخ محمد العربي التباني، والسيد علوي مالكي، والسيد محمّد أمين كتبي، والشيخ محمّد نور سيف، والشيخ عبد الله دردوم، والشيخ محمّد مرداد، وغيرهم كثير، حسب برنامج علمي من الدروس الشرعية واللغوية يختص به كل واحد منهم.
نشاطه التأليفي «١»:
مؤلفات الشيخ حسن محمّد المشاط ﵀ شاهد حي، يحكي تمكنه في العلوم التي ألّف فيها، كما أنّها تدل أصالة على مقدار عمقه في علوم الآلة:
اللغوية، والبيانية التي لا تستقيم العلوم الشرعية بدونها.
_________
(١) انظر قسم الدراسة ل «الجواهر الثمينة» (ص ٥٧- ٧٢) .
1 / 12
ألّف في أصول الحديث كتابي:
«رفع الأستار عن مخدرات طلعة الأنوار» .
و«شرح المنظومة البيقونية» .
وكلاهما كتابان معتبران، ينالان الاهتمام الدائم من الدارسين في معظم الأقطار الإسلامية، كما كان في الماضي عند ما كان المؤلف على قيد الحياة، وقد طبعا مرات عديدة نالا تدقيق المؤلف، ومراجعته وتحقيقه.
ألّف في الفقه على طريقة المحدّثين كتابين هما:
١- «إسعاف أهل الإيمان بوظائف شهر رمضان» .
٢- «إسعاف أهل الإسلام بوظائف الحج إلى بيت الله الحرام» .
هما كتابا حديث وفقه في موضوعهما، وقد طبعا لعدة مرات، وكان لهما الحظ الوافر من مراجعة المؤلف وتحقيقاته، حظيا بتدريسهما لطلابه في مناسباتهم الدينية لمرات عديدة.
كان رحمه الله تعالى عالما من علماء الحديث المشهود لهم في هذا المجال، وعالما من علماء أصول الفقه، قد أنتج في هذا المجال العلمي كتابه:
«الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة» «١»، وقد طبع طبعتين.
وحاشية موسعة على «لب الأصول» .
ألّف في العقيدة:
«البهجة السنية في شرح الخريدة في علم التوحيد» طبع بأندونيسيا، يدرس في معاهدها ومؤسساتها التعليمية.
_________
(١) طبع طبعتين عام (١٤٠٦) وعام (١٤١٢) بتحقيق تلميذه عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان.
1 / 13
درس بالحرم الشريف شروح «ألفية ابن مالك» كابن عقيل، والمكودي، وحواشيهما مرات عديدة، مدوّنا تاريخ تدريسه لها على صفحات النسخ التي درس فيها، وكذلك علوم البلاغة، غير أنّه لم يؤلف فيهما.
وقد ظهرت آثار هذه الدراسات العلمية المتنوعة واضحة في شرحه لهذه المنظومة.
تجلّت قدراته اللغوية ﵀ في التحليل اللغوي للمنظومة عند ما يحتاج النظم إلى ذلك، حيث ضرورات النظم توجب تقديم ما حقه التأخير، وتأخير ما حقه التقديم، فيستوجب هذا بيان وضع كل عبارة أو جملة في موضعها الصحيح، ومن ثمّ إعرابها لتوضيح معناها.
إن اطّلاعه الواسع، وقدراته الرفيعة في علم الحديث سندا ومتنا.. أضاف إلى النظم من الوقائع والأحداث ما لا يوجد إلّا في كتب الحديث، وما لا يعرفه إلّا المحدث الضليع، فهو على ذكر ممّا هو مدوّن في هذه المدونات، وما يذكره علماء السيرة النبوية، وقد يتخلل هذا: تعارض الروايات، والأحداث، والوقائع، فيفحصها حسب القوانين العلمية الأصولية، وقد وفق رحمه الله تعالى في هذا الجانب كل التوفيق.
وملكاته الفقهية والأصولية قدمت للقارئ معلومات فقهية مهمة كلّما واتت مناسبة لذكرها.
الدراسة
شروح المنظومة:
يوجد شرح آخر لهذه المنظومة للعلّامة الشيخ حماد الأمين الشنقيطي، وقد ذكر الشيخ حسن محمّد المشاط هذا الشرح، واطّلع عليه، واستفاد منه، وذكر منهجه
1 / 14
وطريقته، وأنّه من جملة ما اعتمده في شرحه، ولكنه اتّخذ منهجا آخر مستقلا، هو ما وضحه بقوله:
(وقد اعتمدت في هذا الشرح على شرح العلّامة الشيخ حمّاد بن الأمين الشنقيطي ابن أخي الناظم على هذا النظم، وهو شرح على طريقة المتقدمين، غير مزج، يذكر جملة من أبيات النظم، ويتكلم عليها على عادة علماء ذلك القطر في الإسهاب، والولوج في كل فن وباب) «١» .
مصادر الشرح «إنارة الدجى في مغازي خير الورى»:
خصّ الشارح رحمه الله تعالى المقدمة الثالثة بذكر أشهر من ألّف في المغازي، وبيّن المصادر التي اعتمدها بشكل رئيس، وذكر من بينها شرح العلّامة الشيخ حمّاد بن الأمين الشنقيطي، وبيّن منهجه في شرح هذه المنظومة، وقد سلك المؤلف رحمه الله تعالى منهجا مغايرا؛ فقد كان الأول يعتمد وحدة موضوعية من الأبيات، ثمّ يتحدث عن موضوعها جملة، دون تعرض لتحليل الأبيات ومدلولاتها، في حين أنّ الشارح هنا يعتمد الأسلوب التحليلي لكل جملة وعبارة في النظم، وبيان مؤداها ومدلولاتها.
وقد ظهر اعتماده على أهم مدونات السيرة النبوية وأكثرها اعتمدا عند علماء هذا الفن، بل أكثر الاعتماد على ابن إسحاق، والحافظ اليعمري، و«روض النهاة» وهي مصادر أصلية ذات وزن كبير في هذا العلم، علما بأنّ الشارح رحمه الله تعالى قد أسعفته ملكاته العلمية، وعمقه في علم الحديث أن يكون من بين مصادره المنثورة في هذا الشرح: «الصحيحان» بشكل خاص، وبقية كتب الصحاح بشكل عام، وكتب شروح الحديث مثل «فتح الباري» وغيره.
_________
(١) (ج ١، ص ٦) .
1 / 15
فمن ثمّ أصبح الشرح موسوعة مصغرة للأحداث والوقائع النبوية من مصادر صحيحة موثقة.
صلة الشارح ﵀ بمنظومة المغازي، وتحقيقه نصوصها:
علاقة الشارح رحمه الله تعالى بهذه المنظومة علاقة حفظ ودرس، وأكثر من هذا هي علاقة عشق وهيام، فقد كانت من جملة محفوظاته التي اهتمّ بها في شبابه، واعتنى بها حفظا، ودرسا، وتدريسا، وكتابة، وشرحا على مدى مسيرة حياته ﵀، وقد أحبها لأسباب عديدة:
أولا: لموضوعها، فهي عرض أمين، وإبراز لمواقف البطولة شاخصة وممثلة في رسول الله ﷺ وصحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم.
ثانيا: سلاسة عبارتها، وسهولة حفظها.
وقد سجل إعجابه بها كتابة عندما ترجم لناظمها رحمه الله تعالى؛ إذ أثنى عليها، وسماها: «فصل الخطاب» في هذا الموضوع، وعدها متفوقة على سابقتها «الدرة السنية في المعالم السنية» من تأليف القاضي أبي عبد الله محمّد بن عيسى بن محمّد بن أصبغ الأزدي، المعروف بابن المناصف، الذي بلغ سبعة آلاف بيت من الرجز «١» .
وللحديث عمّا تميزت به هذه المنظومة يقول:
(قلت: ومنظومتنا هذه هي فصل الخطاب، والآية في الإعجاب، لا تدع شاذة ولا فاذة من عيون المغازي.. إلّا أتت عليها بأبدع أسلوب، وأسلس تعبير، فهي الفريدة في بابها، الممتعة لطلابها، وها هي ذي بين أيدينا ترفل في أبواب
_________
(١) انظر «إنارة الدجى في شرح مغازي خير الورى» (ج ١، ص ٦٩) .
1 / 16
حسنها، مدبجة بكلام الحفاظ والمهرة، من نقدة أهل هذا الشأن، فليحكم لها، أو عليها) «١» .
وقد كان لها النصيب الموفور من قراءته وتدريسه لها، وكثيرا ما كان يستشهد بها في دروسه ومجالسه، ويحث طلابه على حفظها.
قرأ هذه المنظومة، وصححها على يد شيخه الشيخ محمّد عبد الله زيدان «٢»، ولم تكن النسخة التي استنسخها الوحيدة، بل كانت هناك نسخة أخرى هي نسخة الشيخ حمّاد، وتختلف أحيانا عن نسخته، تعلق الشارح رحمه الله تعالى تعلقا شديدا بهذه المنظومة جعله يقارن بين نسخته وبين ما هو موجود في النسخة الأخرى، وقد ذكر بعض هذه المخالفات، ونوّه عنها في شرحه، من هذه المواضع:
١- أسماء الذين ثبتوا مع النّبيّ ﷺ في يوم هوازن (ج ٢/ ص ٢٤١، ٢٤٤) .
٢- الاختلاف في صدر البيت، ففي نسخته يذكر أوّله:
ومعتب نجل قشير قالا ... وعدنا النّبي أن ننالا
وأن في بعض النسخ:
وابن قشير معتب قال أما ... وعدنا محمّد أن نغنما
وعقب على هذا قائلا: (والخطب سهل، والمعنى واحد) (ج ١/ ص ٢٨٠) .
وهو بهذا التدقيق لنصوص المنظومة يبرهن على عنايته بتحقيق نصوصها تحقيقا علميا سليما.
_________
(١) انظر «إنارة الدجى» (ج ١، ص ٧٠) .
(٢) انظر «إنارة الدجى» (ج ٢، ص ٢٤٤) .
1 / 17
منهج الشارح رحمه الله تعالى:
أوّلا: قدم الشارح ﵀ لشرحه لمنظومة المغازي بمقدمات تعريفية مهمة، يحتاج إليها دارس هذا العلم، مبتدئا حسب الترتيب الآتي:
١- ترجمة الناظم، والتعريف بمكانته العلمية، وجهوده في التأليف في فن المغازي، والأنساب.
٢- مشروعية الجهاد، وقد وضح هنا التدرّج التشريعي في هذه الشعيرة الإسلامية المهجورة.
٣- في المغازي وفضل تعليمها.
٤- في أشهر من ألّف في المغازي، وقد أتى على ذكر أهمها، منذ القرن الأول الهجري.. حتى القرن الحادي عشر الهجري.
ثانيا: من المعلوم أنّ النظم لا يتّسع لتفصيل الأحداث والوقائع، وأقصى ما يمكن هو التصريح إجمالا لأهم الأحداث، وما عدا هذا فيكتفى عنه بالإشارة والرمز، فمن ثمّ سلك الشارح رحمه الله تعالى لبيان التفاصيل والإسهاب فيها طريقتين مختلفتين:
أ- يسرد الحدث كاملا برواياته، وكافة وقائعه، في عبارة نثرية متسلسلة، وفي النهاية يذكر: أنّ هذا هو ما عناه الناظم من البيت التالي، أو الأبيات التالية، وبهذا يكون القارئ على إلمام بالمقصود، من كل حرف وكلمة في النظم، ثم يعرج بعد هذا على تحليل النظم، تحليلا لغويا بيانيا.
ب- وأحيانا يقدم تحليل النظم تحليلا لغويا، وبيانيا كاملا، وبعد هذا يأخذ في سرد موضوع النظم في عبارة نثرية متسلسلة، مترابطة الأحداث بعبارته، والاستشهاد لعرضه من كتب الحديث والسيرة النبوية.
1 / 18
والمعيار في هذا التراوح عند الشارح: هو علاقة الحدث بما ذكر قبله، أو ما يذكر بعده.
ثالثا: استكماله الأحداث والوقائع التي لم يتأتّ للناظم عرضها، والحديث عنها، من ذلك:
أ- عمرة القضاء: توقف الناظم عند عقد الصلح (ج ٢/ ص ١٣٨) دون أن ينوّه عن عمرة القضاء، فرأى الشارح رحمه الله تعالى أنّ الحديث عن عمرة القضاء، وما جرى فيها من وقائع.. يعد جزءا مهما لاستكمال صلح الحديبية ونتائجه البالغة على المسلمين، فمن ثمّ تحدث عنها بالتفصيل.
كذلك لم يعرض الناظم للأحداث التي وقعت للمسلمين لما وصلوا إلى تبوك، (ج ٢/ ص ٢٩٤) وقد تنبّه لها الشارح ﵀ فأكملها.
رابعا: عنايته بضبط أسماء الغزوات، والأماكن، والأسماء، ضبطا صحيحا، كتابة بالحروف حسب طريقة الضبط عند القدماء، وذكر الأقوال عند الاختلاف، وترجيح الصحيح، معتمدا في هذا على دواوين اللغة ومعاجمها، وكتب السيرة والتاريخ المتخصصة.
انظر مثالا لهذا: (غزوة ذي قرقرة) (ج ١/ ص ١٣٢) .
خامسا: اختياره من المصادر الأحداث والوقائع التي تنمي في القارئ روح التضحية والفداء في سبيل الله، والتي من شأنها أن تستثير في القارئ نوازع الخير، وتضاعف في نفسه محبة النّبيّ ﷺ، والصحابة الكرام.
سادسا: اهتمامه بتحديد موقع الغزوة، وتاريخ حدوثها، وحامل لوائها، وعدد أفرادها، وذكر اسم خليفة رسول الله ﷺ على المدينة أثناء غيابه عنها.
هذه هي العناصر الرئيسة في منهج المؤلف، وقد يقف الدارس بصفاء ذهنه وملكته على جوانب أخرى في منهج الشارح ﵀، تضم إلى ما سبق عرضه.
1 / 19
منهج الشارح رحمه الله تعالى في التعبير عن رأيه:
من السّمات البارزة في حياة المؤلف فضيلة الشيخ حسن بن محمّد المشاط تواضعه الجم مع الكبير والصغير، حالا ومقالا، وهو مظهر من مظاهر سلوكه العام، وبنفس السلوك يتعامل مع العلماء وآرائهم وكتبهم، ولا تبدو منه كلمة يشتمّ منها رائحة الجرح، فضلا عن الصريح.
يلمس القارئ هذا بوضوح فيما يذكر من آراء خاصة به، أو ترجيح، بعبارة متواضعة يستهلها أحيانا بقوله: (قال العبد الضعيف) في أكثر من موضع، أو مناسبة. انظر (ج ١/ ص ١٢٥- ١٢٧) .
وأحيانا يستهل الجملة عند ما يريد التعبير عن رأيه بقوله: (واعلم) أو بكلمة:
(قلت) بضمير المفرد المتكلم.
خصائص الشرح:
اشتمل الشرح على مجموعة من الخصائص العلمية المهمة نتيجة اهتمام الشارح ﵀، وبذله جهدا كبيرا في إنجازه، يطول الحديث في استعراضها تفصيلا، ومن الأجدى عرض أهم تلك الخصائص، ونماذج منها:
أولا: تحديد موقع الأماكن التي جرت فيها الأحداث،
وتحقيق أسمائها بحسب اشتهارها في الماضي، وتسميتها في الحاضر مثال هذا:
هدا الشام حاليا بوادي فاطمة الذي يسمى في كتب السيرة ب (الرجيع) وتنسب إليه وقعة الرجيع، وسماه الإمام في «جامعه» ب (الهداة) ويعلق الشارح رحمه الله تعالى هنا قائلا:
(قلت: ويسمى اليوم ب (هدا الشام) ويعرف بهذا الاسم، وله طريق من مر الظهران، وادي فاطمة، بينه وبينها نحو ساعة بالسيارة، وبهذا الموضع مزارع
1 / 20
كثيرة، وهواء طلق، ونخيل، وعيون، وآبار عذبة جدا، جئته يوما من الصباح إلى المساء، فصليت في جامعه، وبه مدرسة ابتدائية، ويقال: إنّ عدد من يسكنها اليوم يقرب من الألف) (ج ٢/ ص ٥١) .
ثانيا: تحقيقه للأحداث التي تتضارب فيها الروايات وتصحيحها:
ترد بعض الأحيان أحداث تختلف فيها الروايات فيفحصها الشارح ﵀ بحاسة المحدث، المؤرّخ، الخبير بترتيب الأحداث، فيخرج برأي سديد.
من هذا ما ذكره نقلا عن كتاب «الروض الأنف» للسهيلي:
(أنّ رسول الله ﷺ بلغه شيء عن أهل مسجد الضرار، وكان قد استخلف عاصم بن عدي العجلاني على قباء، والعالية، فرده لينظر في ذلك، وضرب له بسهمه مع أهل بدر) (ج ١/ ص ١٣٤) .
يقول الشارح رحمه الله تعالى في دراسة هذا وفحصه حسب الأصول العلمية:
(قلت: هكذا قالوا، ولم يكن إذ ذاك مسجد الضرار، وإنّما كان سنة تسع عند خروجه ﷺ لتبوك، فيحتمل أن يكون استخلافه ﵊ على أهل قباء والعالية من المدينة لشيء بلغه عنهم؛ ولذلك عدّ من البدريين، وضرب له بسهم، وهو المعتمد كما ذكره الحافظ في «الإصابة» أمّا ذكر مسجد الضرار.. فلا معنى له) . (ج ١/ ص ١٣٥) .
ويلجأ إلى التوفيق بين الروايات إذا أمكن، ما لم يؤدّ إلى تعارض أو تناقض، وذلك: بأن تنسب بعض الأحداث إلى بعض الصحابة، وفي روايات أخرى تنسب إلى آخرين سواهم، ولا يمنع العقل والواقع صدوره من كليهما، فيحاول الشارح رحمه الله تعالى بصفاء إيماني، وحب عميق، وإجلال وإكبار لصحابة رسول الله ﷺ.. التوفيق بينهما بمنطق مقبول، ومن الأمثلة على هذا:
ذكر الشارح ﵀: أنّ الإمام الزرقاني ذكر في «المواهب»: (عن
1 / 21
عروة: أنّه لما وضع فيه- خبيب بن عدي ﵁ السلاح نادوه- المشركون من بني لحيان فقد كان أسيرهم-: أتحب أنّ محمدا مكانك؟ قال: لا والله، ما أحب أن يفديني بشوكة في قدمه) .
وذكر الزرقاني رواية أخرى فقال: (ويقال: إنّ ذلك لزيد بن الدثنة، وأنّ أبا سفيان قال له ذلك) .
ويعلّق الشارح رحمه الله تعالى على هذا التعارض موفقا بين الروايتين قائلا:
(أقول: ولا منافاة، فمن الممكن أن يقع ذلك لكل من الصحابيين، وغايتهم واحدة، هو الله ورسوله ﷺ (ج ٢/ ص ٥٣) .
ثالثا: اهتمامه بالروايات المتعددة:
إنّ الشارح رحمه الله تعالى معروف بدقته ويقظته الشديدة؛ لما بين مؤلفي السير من اتفاق أو اختلاف في الأحداث والوقائع، أو أسبابها، أو تعددها، وتعدد أسمائها.
من هذا ما جاء في (ج ١/ ص ١٦٩) في عرض أحداث غزوة بني سليم؛ إذ جاء تحت عنوان (تنبيه) ما يأتي:
(جعل الناظم غزوة بني سليم غير غزوة قرقرة الكدر؛ لما سيأتي، فهما غزوتان؛ تبعا لأصله «العيون»، وجعلهما صاحب «المواهب» واحدة، وتبعه تلميذه الشامي) .
رابعا: مقارنته بين هذه المنظومة، وبين رصيفتها منظومة الشيخ غالي بن المختار في «تبصرة المحتاج»، من هذا:
عرض الناظم ﵀ لقصة العرنيين وسرية سعيد بن زيد ﵁ في الأبيات الثلاث الآتية:
وبعدها انتهبها الأولى انتهوا ... لغاية الجهد وطيبة اجتووا
1 / 22
فخرجوا وشربوا ألبانها ... ونبذوا إذ سمنوا أمانها
فاقتصّ منهم النّبي أن مثلوا ... بعبده ومقلتيه سملوا
وبعد أن أتمّ الشارح رحمه الله تعالى تحليلها وبيانها، وفصل أحداث هذه السرية.. ذكر الآتي:
وقد أشار إلى هذه السرية الشيخ غالي بن المختار في «تبصرة المحتاج» بأبسط ممّا ههنا، وسماها بسرية كرز بن جابر الفهري بقوله:
فنجل جابر لنيف ذو العلا ... كرز بإثر نفر عدوا على
لقاح خير مرسل وقتلوا ... غلامه ومقلتيه سملوا
وإذ بهم أتى النّبي قطعا ... أيديهم ونعم ما قد صنعا
وقطع الأرجل ثمّ سملا ... أعينهم وردّهم ممتثلا
بجانب الحرة يستسقونا ... لما أصابهم فلا يسقونا
(ج ٢/ ص ٧٤)
خامسا: اهتمامه بالجوانب الفقهية:
الفقه الإسلامي أحد العلوم التي برع فيها الشارح- رحمه الله تعالى- وملك عنانها، فلا عجب أن يعطي الجانب الفقهي اهتماما كبيرا، خصوصا وأنّ المواقف النبوية في هذه الغزوات ذات طابع خاص.. تعد مصدرا لأحكام شرعية كثيرة لا مجال لإبرازها واستنباطها.. إلّا من خلال أقوال الرسول ﷺ، وأفعاله، وتحرّكاته في هذه المناسبات بخاصة، وبحكم التفاعل العلمي الفقهي في نفس الشارح رحمه الله تعالى.. لم يأل جهدا أن يتحدث عن الجوانب الفقهية، والأحكام التشريعية إذا طرأت مناسبة لذلك، والأمثلة على هذا كثيرة، ومنثورة في صفحات الكتاب، وعرض الأحداث، ويكتفى هنا بالإشارة إلى عناوين بعضها، مثل:
1 / 23
١- حكم من دعا بدعوى الجاهلية في الإسلام، وأقوال الفقهاء فيه (ج ٢/ ص ٨٥) .
٢- حرمة التسبب لإسقاط الأطفال، وحكم استعمال الحبل من أصله (ج ٢/ ص ١٠١) .
٣- جواز الاجتهاد بحضرة النّبيّ ﷺ (ج ٢/ ص ٥٠) .
٤- حكم أخذ الأجرة على دخول الكعبة (ج ٢/ ص ٢٢٦) .
٥- حكم النياحة على الميت، وإرهاق أهل الميت بعمل طعام للمعزين (ج ٢/ ص ١٧٢، ١٧٣) .
٦- هل يغسل الشهيد إذا كان جنبا (ج ١/ ص ٢٣٣- ٢٣٤) .
٧- المعنى الذي ينبغي أن يحمل عليه حديث المغفرة لأهل بدر، وحكم ما إذا ارتكب أحدهم فعلا يوجب حدا شرعيا (ج ١/ ص ١٢٨) .
سادسا: استخلاص الفوائد والعبر من الأحداث:
من أبرز الجوانب التي يحرص عليها الشارح ﵀ هو استخلاص الفوائد والعبر من الأحداث مما يفيد الأمّة الإسلامية، ويرفع من شأنها، ويعيد إليها أمجادها، قد يطول به الوقوف عند الحدث حسبما يمليه الموقف، وقد يقصر، وهو حريص كل الحرص على توجيه نظر القارئ بخاصة، والمسلمين بعامة إلى الإفادة من التجارب التي مرّ بها المسلمون في عصر النبوة، والخلافة الراشدة، والأخذ بالأسباب التي تقودهم إلى العزة والكرامة، وتباعد بينهم وبين أسباب الذل والانحطاط.
تتجلى هذه الروح منذ الصفحات الأولى من هذا الكتاب، ففي نهاية حديثه عن المغازي، وفضل علمها وتعلمها يقول:
1 / 24
(وإنّ في النظر إلى ما لأسلافنا الكرام القادة في الحرب والسلم، من المقدرة الفائقة، والبطولة النادرة، والتضحية بالمهج الغالية في سبيل العقيدة الحقة، والمبادئ الفاضلة.. ما يملأ القلوب إيمانا بفضلهم، وإعجابا بصنعهم، وإكبارا لجلائل أعمالهم، وحرصا على التأسّي بهم.
وفّق الله الأمّة للنظر فيما لسلفها الصالح؛ حتى تفيق من غفلتها، وتنهض من كبوتها، وتتذكر بذلك ما كان لها من عظمة ومجد، فتعمل لاسترجاعه، وتتبوّأ المكان اللائق بها، آمين) .
وهكذا تعامله مع كل حدث فيه تذكير واستحثاث لهمة الأمّة، وتوجيه نداء مخلص لأبنائها، والنماذج من هذه الوقفات للشارح رحمه الله تعالى كثيرة، منها:
ما ذكره من حكمة الرسول ﷺ في إمضاء شروط صلح الحديبية (ج ٢/ ص ١٢١) .
وفوائد قصة التحلل من إحرام العمرة بعد إبرام عقد الصلح (ج ٢/ ص ١٢٧) وغيرها كثير امتلأت به صفحات الشرح.
سابعا: ربطه بعض الأحداث قديما بما هو جار في العصر الحاضر:
لا ينسى الشارح رحمه الله تعالى أن يقارن الأحداث في عهد رسول الله ﷺ بما يجري في عالمنا المعاصر؛ لإذكاء الشعور الإيماني، وبيان الواقع الذي انحدرت إليه الأمة، أو بعض طوائفها، ومن الأمثلة على هذا:
١- حديثه عن مشروعية الوقف في الإسلام بمناسبة تحبيس النّبيّ ﷺ سبع حوائط بأنّه:
(أحد الأدلة الكثيرة على مشروعية الوقف في الإسلام) .
ثمّ يعلّق الشارح رحمه الله تعالى على هذا قائلا:
1 / 25
(خلافا لبعض علماء العصر ممّن يريد حل الأوقاف الإسلامية تبعا للهوى، هدانا الله، وإيّاهم على الصراط المستقيم) (ج ١/ ص ٢٣١) .
٢- توجيه شباب الأمّة ونصحهم بالاقتداء بالصحب الكرام (ج ١/ ص ٢١٩) .
ثامنا: استشهاده بالشعر:
والشارح رحمه الله تعالى يقول الشعر، ويحفظه، خصوصا الشعر الرصين، الرفيع المعاني، الرقيق الحواشي، البليغ العبارة، وقد نثر هذا في مناسبات عديدة من الشرح، بما يلائم الموقف الذي يتحدث فيه.
ففي عرض أحداث غزوة خيبر، وتطلّع الصحابة رضوان الله عليهم إلى أن يعطى كل واحد منهم الراية عندما قال رسول الله ﷺ: «لأعطينّ الراية رجلا يحبه الله ورسوله»، ثمّ أعطاها عليا ﵁، وكان متخلفا عن رسول الله ﷺ لرمد أصابه، ثم لحق بالنّبيّ ﷺ وأصحابه، وكانت الراية من نصيبه، ويعلق الشارح رحمه الله تعالى على هذا الحدث العظيم في (ج ٢/ ص ١٤٦) بقوله:
(وفي هذه القصة لطيفة، وهي: أنّ من طلب شيئا، أو تعرّض لطلبه..
يحرمه غالبا، وأنّ من لم يطلب شيئا، ولم يتعرض لطلبه.. ربما وصل إليه) .
ثمّ يستشهد على هذا بالبيت التالي:
والدهر يعطي الفتى ما ليس يطلبه ... يوما ويمنعه من حيث يطمعه
وإذا دعت المناسبة لذكر بعض الأشعار ذات المعاني الطريفة.. فإنّه يستشهد بها، مقدما لها بعنوان له مدلوله الرقيق (لطيفة) .
من هذا ما ذكره تحت هذا العنوان بعد الحديث عن أهل بدر وما خصّهم الله من مغفرة ورضوان قائلا:
1 / 26