إرادته، كما قال: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ﴾ [الرحمن ٦/ ٥٥] وقال: ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ [الرعد ١٥/ ١٣]. وهذا بمظهريه لا يكون لغير الله إطلاقا.
والنوع الثاني: سجود تحية وتكريم من غير تأليه، كسجود الملائكة لآدم، وسجود يعقوب وأولاده ليوسف. وهذا في رأي أكثر العلماء كان مباحا إلى عصر رسول الله ﷺ،
وأن أصحابه قالوا له حين سجدت له الشجرة والجمل: نحن أولى بالسجود لك من الشجرة والجمل الشارد، فقال لهم: «لا ينبغي أن يسجد لأحد إلا لله رب العالمين»
ونهى النبي ﷺ عن السجود للبشر، وأمر بالمصافحة، في حديث رواه ابن ماجه في سننه والبستي في صحيحة عن أبي واقد عن معاذ بن جبل ﵁ (^١).
والخلاصة: اتفقت الأمة على أن السجود لآدم لم يكن سجود عبادة ولا تعظيم، وإنما كان على أحد وجهين: إما الانحناء والتحية وإما اتخاذه قبلة كالاتجاه للكعبة وبيت المقدس وهو الأقوى في رأي ابن العربي، لقوله تعالى:
﴿فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ﴾ (^٢).
وأما حقيقة إبليس: فللعلماء فيها رأيان:
الأول: أنه من الجن، والجن سبط من الملائكة، خلقوا من نار، وإبليس منهم. ودليله واضح من قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ، فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ، فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف ٥٠/ ١٨].
والثاني-أنه كان من الملائكة: لأن خطاب السجود كان للملائكة، ولأن