The History of al-Tabari
تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري
پوهندوی
محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]
خپرندوی
دار المعارف بمصر
د ایډیشن شمېره
الثانية ١٣٨٧ هـ
د چاپ کال
١٩٦٧ م
ژانرونه
الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، والدائم بلا زوال، والقائم على كل شيء بغير انتقال، والخالق خلقه من غير اصل ولا مثال، فهو الفرد الواحد من غير عدد، وهو الباقي بعد كل أحد، إلى غير نهاية ولا أمد له الكبرياء والعظمه، والبهاء والعزه، والسلطان والقدرة، تعالى عن أن يكون له شريك في سلطانه او في وحدانيته نديد، أو في تدبيره معين أو ظهير، أو أن يكون له ولد، أو صاحبه او كفء أحد، لا تحيط به الأوهام، ولا تحويه الأقطار، ولا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير.
أحمده على آلائه، وأشكره على نعمائه، حمد من أفرده بالحمد، وشكر من رجا بالشكر منه المزيد، وأستهديه من القول والعمل لما يقربني منه ويرضيه، وأومن به إيمان مخلص له التوحيد، ومفرد له التمجيد.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده النجيب، ورسوله الأمين، اصطفاه لرسالته، وابتعثه بوحيه، داعيا خلقه إلى عبادته، فصدع بأمره، وجاهد في سبيله، ونصح لأمته، وعبده حتى أتاه اليقين من عنده، غير مقصر في بلاغ، ولا وان في جهاد، صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها، وسلم
1 / 3
أما بعد، فإن الله ﷻ، وتقدست أسماؤه، خلق خلقه من غير ضرورة كانت به إلى خلقهم، وأنشأهم من غير حاجة كانت به إلى إنشائهم، بل خلق من خصه منهم بامره ونهيه، وامتحنه بعبادته، ليعبدوه فيجود عليهم بنعمه، وليحمدوه على نعمه فيزيدهم من فضله ومننه، ويسبغ عليهم فضله وطوله، كما قال ﷿: «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» .
فلم يزده خلقه إياهم- إذ خلقهم- في سلطانه على ما لم يزل قبل خلقه إياهم مثقال ذرة، ولا هو إن أفناهم واعدمهم ينقصه افناؤه إياهم ميزان شعره، لأنه لا تغيره الأحوال، ولا يدخله الملال، ولا ينقص سلطانه الأيام والليال، لأنه خالق الدهور والأزمان، فعم جميعهم في العاجل فضله وجوده، وشملهم كرمه وطوله، فجعل لهم أسماعا وأبصارا وأفئدة، وخصهم بعقول يصلون بها الى التمييز بين الحق والباطل، ويعرفون بها المنافع والمضار، وجعل لهم الأرض بساطا ليسلكوا منها سبلا فجاجا، والسماء سقفا محفوظا، وبناء مسموكا، وأنزل لهم منها الغيث بالإدرار، والأرزاق بالمقدار، واجرى لهم فيها قمر الليل وشمس النهار يتعاقبان بمصالحهم دائبين، فجعل لهم الليل لباسا، والنهار معاشا، وخالف- منًّا مِنْه عليهم وتطولا- بين قمر الليل وشمس النهار، فمحا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة، كما قال ﷻ وتقدست أسماؤه: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا
1 / 4
مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا» .
وليصلوا بذلك إلى العلم بأوقات فروضهم التي فرضها عليهم في ساعات الليل والنهار والشهور والسنين، من الصلوات والزكوات والحج والصيام وغير ذلك من فروضهم، وحين حل ديونهم وحقوقهم، كما قال ﷿: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ»، وقال: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ» .
إنعاما منه بكل ذلك على خلقه، وتفضلا منه به عليهم وتطولا، فشَكَره على نعمه التي أنعمها عليهم من خلقه خَلْق عظيم، فزاد كثيرا منهم من آلائه وأياديه، على ما ابتدأهم به من فضله وطوله، كما وعدهم ﷻ بقوله: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ»، وجمع لهم الى الزيادة التي زادهم في عاجل دنياهم، الفوز بالنعيم المقيم، والخلود في جنات النعيم، في آجل آخرتهم وأخر لكثير منهم الزيادة التي وعدهم فمدهم الى حين مصيرهم اليه ووقت قدومهم عليه، توفيرا منه كرامته عليهم يوم تبلى السرائر وكفر نعمه خلق منهم عظيم، فجحدوا آلاءه وعبدوا سواه، فسلب كثيرا منهم ما ابتدأهم به من الفضل والإحسان، وأحل
1 / 5
بهم النقمة المهلكة في العاجل، وذخر لهم العقوبة المخزية في الآجل، ومتع كثيرا منهم بنعمه ايام حياتهم استدراجا منه لهم، وتوقيرا منه عليهم أوزارهم، ليستحقوا من عقوبته في الآجل ما قد أعد لهم.
نعوذ بالله من عمل يقرب من سخطه، ونسأله التوفيق لما يدني من رضاه ومحبته.
قال أبو جعفر: وأنا ذاكر في كتابي هذا من ملوك كل زمان، من لدن ابتدأ ربنا ﷻ خلق خلقه إلى حال فنائهم، من انتهى إلينا خبره ممن ابتدأه الله تعالى بآلائه ونعمه فشكر نعمه، من رسول له مرسل، أو ملك مسلط، أو خليفة مستخلف، فزاده إلى ما ابتدأه به من نعمه في العاجل نعما، وإلى ما تفضل به عليه فضلا، ومن أخر ذلك له منهم، وجعله له عنده ذخرا ومن كفر منهم نعمه فسلبه ما ابتدأه به من نعمه، وعجل له نقمه ومن كفر منهم نعمه فمتعه بما أنعم به عليه إلى حين وفاته وهلاكه، مقرونا ذكر كل من أنا ذاكره منهم في كتابي هذا بذكر زمانه، وجمل ما كان من حوادث الأمور في عصره وأيامه، إذ كان الاستقصاء في ذلك يقصر عنه العمر، وتطول به الكتب، مع ذكري مع ذلك مبلغ مدة أكله، وحين أجله، بعد تقديمي أمام ذلك ما تقديمه بنا أولى، والابتداء به قبله أحجى، من البيان عن الزمان: ما هو؟ وكم قدر جميعه، وابتداء أوله، وانتهاء آخره؟ وهل كان قبل خلق الله تعالى إياه شيء غيره؟ وهل هو فان؟ وهل بعد فنائه شيء غير وجه المسبح الخلاق، تعالى ذكره؟
وما الذي كان قبل خلق الله إياه؟ وما هو كائن بعد فنائه وانقضائه؟ وكيف
1 / 6
كان ابتداء خلق الله تعالى إياه؟ وكيف يكون فناؤه؟ والدلالة على أن لا قديم إلا الله الواحد القهار، الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى بوجيز من الدلالة غير طويل، إذ لم نقصد بكتابنا هذا قصد الاحتجاج لذلك، بل لما ذكرنا من تاريخ الملوك الماضين وجمل من أخبارهم، وأزمان الرسل والأنبياء ومقادير أعمارهم، وأيام الخلفاء السالفين وبعض سيرهم، ومبالغ ولاياتهم، والكائن الذي كان من الأحداث في أعصارهم ثم أنا متبع آخر ذلك كله- إن شاء الله وأيد منه بعون وقوة- ذكر صحابه نبينا محمد ص وأسمائهم وكناهم ومبالغ أنسابهم ومبالغ أعمارهم، ووقت وفاة كل إنسان منهم، والموضع الذي كانت به وفاته ثم متبعهم ذكر من كان بعدهم من التابعين لهم بإحسان، على نحو ما شرطنا من ذكرهم ثم ملحق بهم ذكر من كان بعدهم من الخلف لهم كذلك، وزائد في أمورهم للإبانة عمن حمدت منهم روايته، وتقبلت أخباره، ومن رفضت منهم روايته ونبذت أخباره، ومن وهن منهم نقله، وضعف خبره وما السبب الذي من أجله نبذ من نبذ منهم خبره، والعلة التي من أجلها وهن من وهن منهم نقله.
وإلى الله ﷿ أنا راغب في العون على ما أقصده وأنويه، والتوفيق لما ألتمسه وأبغيه، فإنه ولي الحول والقوة، وصلى الله على محمد نبيه وآله وسلم تسليما.
وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه، والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه، دون ما أدرك بحجج العقول، واستنبط
1 / 7
بفكر النفوس، إلا اليسير القليل منه، إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين، وما هو كائن من أنباء الحادثين، غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم، إلا بأخبار المخبرين، ونقل الناقلين، دون الاستخراج بالعقول، والاستنباط بفكر النفوس فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم انه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا
1 / 8
القول في الزمان ما هو
قال ابو جعفر: فالزمان هو ساعات الليل والنهار، وقد يقال ذلك للطويل من المدة والقصير منها، والعرب تقول: أتيتك زمان الحجاج أمير، وزمن الحجاج أمير- تعني به: إذ الحجاج أمير وتقول: اتيتك زمان الصرام وزمن الصرام- تعني به وقت الصرام ويقولون أيضا: أتيتك أزمان الحجاج أمير، فيجمعون الزمان، يريدون بذلك أن يجعلوا كل وقت من أوقات إمارته زمانا من الأزمنة، كما قال الراجز:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق ... شراذم يضحك منه التواق
فجعل القميص أخلاقا، يريد بذلك وصف كل قطعة منه بالإخلاق، كما يقولون: أرض سباسب، ونحو ذلك.
ومن قولهم للزمان: زمن قول أعشى بني قيس بن ثعلبة:
وكنت امرا زمنا بالعراق ... عفيف المناخ طويل التغن
يريد بقوله: زمنا زمانا، فالزمان اسم لما ذكرت من ساعات الليل والنهار على ما قد بينت ووصفت
1 / 9
القول في كم قدر جميع الزمان من ابتدائه إلى انتهائه وأوله إلى آخره
اختلف السلف قبلنا من أهل العلم في ذلك، فقال بعضهم: قدر جميع ذلك سبعة آلاف سنة.
ذكر من قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة، سبعة آلاف سنه، فقد مضى سته آلاف سنه ومائتا سَنَةٍ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا مِئُونَ مِنْ سِنِينَ، لَيْسَ عَلَيْهَا مُوَحِّدٌ.
وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْرُ جَمِيعِ ذَلِكَ سِتَّةُ آلافِ سَنَةٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: الدُّنْيَا سِتَّةُ آلافِ سَنَةٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قال: حدثنا اسمعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهبا يقول: قد خلا من الدنيا خمسه آلاف سنه وستمائه سنه، وانى لأَعْرِفُ كُلَّ زَمَانٍ مِنْهَا، مَا كَانَ فِيهِ من الملوك والأنبياء قلت لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: كَمِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: سِتَّةُ آلاف سنه
1 / 10
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ الْخَبَرُ الْوَارِدُ عن رسول الله ص، وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ: أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ] .
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، قال: [سمعت النبي ص يَقُولُ: أَلا إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلا مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ] .
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ابْنُ أُخْتِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَبُو الْيَقْظَانِ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله ص: مَا بَقِيَ لأُمَّتِي مِنَ الدُّنْيَا إِلا كَمِقْدَارِ الشَّمْسِ إِذَا صُلِّيَتِ الْعَصْرُ] .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: [كُنَّا جُلُوسًا عند النبي ص وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ عَلَى قُعَيْقِعَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ:
مَا أَعْمَارُكُمْ فِي أَعْمَارِ مَنْ مَضَى إِلا كَمَا بَقِيَ مِنْ هَذَا النَّهَارِ فِيمَا مَضَى مِنْهُ] .
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى- قال ابن بشار: حدثنى خلف ابن مُوسَى، وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُوسَى- قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص خَطَبَ أَصْحَابَهُ يَوْمًا- وَقَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا شِقٌّ يَسِيرٌ-[فقال: والذى
1 / 11
نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا بَقِيَ مِنْ دُنْيَاكُمْ فِيمَا مَضَى مِنْهَا إِلا كَمَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ، وَمَا تَرَوْنَ مِنَ الشَّمْسِ إِلا الْيَسِيرَ] .
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قال: [قال النبي ص عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ: إِنَّمَا مَثَلُ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا كَبَقِيَّةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ] .
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: [قَالَ رسول الله ص: بعثت انا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ- وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى] .
حَدَّثَنَا أَبُو كريب، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ ابى هريرة، عن النبي بِنَحْوِهِ.
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: [قَالَ رسول الله ص: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ] .
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، [قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى إِصْبَعَيْ رَسُولِ الله ص- وَأَشَارَ بِالْمُسَبِّحَةِ وَالَّتِي تَلِيهَا- وَهُوَ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ] .
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: حدثنا فطر، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سمره، قال: [قال رسول الله ص: بُعِثْتُ مِنَ السَّاعَةِ كَهَاتَيْنِ]- وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السبابة والوسطى
1 / 12
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: [قال رسول الله ص: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ] قَالَ شُعْبَةُ:
سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ: كَفَضْلِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى، قَالَ: لا أَدْرِي أَذَكَرَهُ عَنْ أَنَسٍ أَوْ قَالَهُ قَتَادَةُ.
حَدَّثَنَا خَلادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مالك، قال: [قال رسول الله ص: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ] .
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النبي ص مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي حَدِيثِهِ:
وَأَشَارَ بِالْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنِ الأوزاعي، قال: حدثنا اسمعيل بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ له الوليد: ماذا سمعت رسول الله ص يَذْكُرُ بِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ:
أَنْتُمْ وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ،] وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ.
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنى اسمعيل بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص يَذْكُرُ بِهِ السَّاعَةَ؟ [قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يقول: أنتم والساعة كتين] .
حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ،
1 / 13
عن الأوزاعي، قال: حدثنى اسمعيل بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْبَدٌ، حَدَّثَ أَنَسٌ، [عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ،] وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ: هَكَذَا.
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله ص:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ:] السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى قَالَ أَبُو مُوسَى: وَأَشَارَ وَهْبٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ وَقَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: [قَالَ رسول الله ص: بعثت انا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ،] وَقَرَنَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الفضيل بن سليمان، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سعد، قال: [رايت رسول الله ص قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا، الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ] .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الأَدَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ [سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ان رسول الله ص قَالَ: بُعِثْتُ وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ- وَضَمَّ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى، وَالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ- وَقَالَ: مَا مَثَلِي وَمَثَلُ السَّاعَةِ إِلا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، ثُمَّ قَالَ: مَا مَثَلِي وَمَثَلُ السَّاعَةِ إِلا كَمَثَلِ رَجُلٍ بَعَثَهُ قَوْمٌ طَلِيعَةً، فَلَمَّا خَشِيَ أَنْ يُسْبَقُ أَلاحَ بِثَوْبِهِ: أُتِيتُمْ، أُتِيتُمْ، أَنَا ذَاكَ أَنَا ذَاكَ] .
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله ص:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ،] وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ
1 / 14
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: [قَالَ رسول الله ص: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا،] وَقَرَنَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ: الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ.
حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرحيم البرقي، عن سهل بن سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله ص: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ،] وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ.
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: [سَمِعْتُ رسول الله ص يَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ جَمِيعًا، إِنْ كَادَتْ لِتَسْبِقَنِي] .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شداد الفهري، [عن النبي ص أَنَّهُ قَالَ: بُعِثْتُ فِي نَفْسِ السَّاعَةِ، سَبَقْتُهَا كَمَا سَبَقَتْ هَذِهِ هَذِهِ،] لإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَوَصَفَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَجَمَعَهُمَا.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جبيرة، قال: [قال رسول الله ص: بُعِثْتُ مَعَ السَّاعَةِ كَهَاتَيْنِ، - وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ- كَفَضْلِ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ] .
حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ شُبَيْلِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي جُبَيْرَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالُوا:
1 / 15
[سمعنا رسول الله ص يَقُولُ: جِئْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا]- قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَأَرَانَا تَمِيمٌ، وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى وَقَالَ لَنَا: أَشَارَ يَزِيدُ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَضَمَّهُمَا-[وَقَالَ: سَبَقْتُهَا كَمَا سَبَقَتْ هَذِهِ هَذِهِ فِي نَفْسِ من الساعة، او في نَفْسَ السَّاعَةِ] .
فمعلوم إذ كان اليوم أوله طلوع الفجر وآخره غروب الشمس، وكان صحيحا عن نبينا ص، ما رويناه عنه قبل، أنه قال بعد ما صلى العصر: ما بقي من الدنيا فِيمَا مَضَى مِنْهَا إِلا كَمَا بَقِيَ مِنْ يومكم هذا فيما مضى منه.
وأنه قال لأصحابه: بعثت أنا والساعة كهاتين- وجمع بين السبابة والوسطى- سبقتها بقدر هذه من هذه، يعني الوسطى من السبابة وكان قدر ما بين اوسط اوقات صلاه العصر- وذلك إذا صار ظل كل شيء مثليه- على التحري إنما يكون قدر نصف سبع اليوم، يزيد قليلا أو ينقص قليلا، وكذلك فضل ما بين الوسطى والسبابة، إنما يكون نحوا من ذلك وقريبا منه.
وكان صحيحا مع ذلك عن رسول الله ص ما حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثعلبه الخشني صاحب النبي ص يقول: [ان رسول الله ص قَالَ: لَنْ يُعْجِزَ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ مِنْ نصف يوم،] وكان معنى قول النبي ذلك أن لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم الذي مقداره ألف سنة- كان بينا أن أولى القولين- اللذين ذكرت في مبلغ قدر مدة جميع الزمان، اللذين أحدهما عن ابن عباس، والآخر منهما عن كعب- بالصواب، وأشبههما بما دلت عليه الأخبار الوارده عن رسول الله ص قول ابن عباس، الذي روينا عنه أنه قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنه
1 / 16
وإذ كان ذلك كذلك، وكان الخبر عن رسول الله ص صحيحا أنه أخبر عن الباقي من ذلك في حياته انه نصف يوم، وذلك خمسمائة عام، إذ كان ذلك نصف يوم من الأيام التي قدر اليوم الواحد منها ألف عام- كان معلوما أن الماضي من الدنيا الى وقت قول النبي ص ما رويناه عن أبي ثعلبة الخشني عنه، كان قدر سته آلاف سنه وخمسمائة سنة، أو نحوا من ذلك وقريبا منه والله أعلم.
فهذا الذي قلنا- في قدر مدة أزمان الدنيا، من مبدأ أولها إلى منتهى آخرها- من أثبت ما قيل في ذلك عندنا من القول، للشواهد الدالة التي بيناها على صحة ذلك.
وقد روي عن رسول الله ص خبر يدل على صحة قول من قال: إن الدنيا كلها ستة آلاف سنة، لو كان صحيحا سنده لم نعد القول به إلى غيره، وذلك ما حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ابن عبد الوارث، حدثنا زبان، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، ان [رسول الله ص قَالَ: الْحُقْبُ ثَمَانُونَ عَامًا، الْيَوْمُ مِنْهَا سُدُسُ الدُّنْيَا] .
فبين في هذا الخبر أن الدنيا كلها ستة آلاف سنة، وذلك أن اليوم الذي هو من أيام الآخرة إذا كان مقداره ألف سنة من سني الدنيا، وكان اليوم الواحد من ذلك سدس الدنيا، كان معلوما بذلك أن جميعها ستة أيام من أيام الآخرة، وذلك ستة آلاف سنة.
وقد زعم اليهود أن جميع ما ثبت عندهم- على ما في التوراة مما هو فيها من لدن خلق الله آدم إلى وقت الهجرة، وذلك في التوراة التي هي في ايديهم اليوم- اربعه آلاف سنه وستمائه سنة واثنتان وأربعون سنة، وقد ذكروا تفصيل ذلك بولادة رجل رجل، ونبي نبي، وموته من عهد آدم إلى هجرة نبينا محمد ص
1 / 17
وسأذكر تفصيلهم ذلك إن شاء الله، وتفصيل غيرهم ممن فصله من علماء أهل الكتب وغيرهم من أهل العلم بالسير وأخبار الناس إذا انتهيت إليه إن شاء الله.
وأما اليونانية من النصارى فإنها تزعم أن الذي ادعته اليهود من ذلك باطل، وأن الصحيح من القول في قدر مدة أيام الدنيا- من لدن خلق الله آدم إلى وقت هجره نبينا محمد ص على سياق ما عندهم في التوراة التي هي في ايديهم- خمسه آلاف سنه وتسعمائة سنة واثنتان وتسعون سنة وأشهر وذكروا تفصيل ما ادعوه من ذلك بولادة نبي نبي، وملك ملك، ووفاته من عهد آدم إلى وقت هجره رسول الله ص، وزعموا أن اليهود إنما نقصوا ما نقصوا من عدد سني ما بين تاريخهم وتاريخ النصارى دفعا منهم لنبوه عيسى بن مريم ع إذ كانت صفته ووقت مبعثه مثبتة في التوراة وقالوا: لم يأت الوقت الذي وقت لنا في التوراة أن الذي صفته صفة عيسى يكون فيه، وهم ينتظرون- بزعمهم- خروجه ووقته.
واحسب أن الذي ينتظرونه ويدعون أن صفته في التوراة مثبتة، هو الدجال الذي وصفه رسول الله ص لأمته، وذكر لهم أن عامة أتباعه اليهود، فإن كان ذلك هو عبد الله بن صياد، فهو من نسل اليهود.
وأما المجوس فإنهم يزعمون أن قدر مدة الزمان من لدن ملك جيومرت إلى وقت هجرة نبينا ص ثلاثة آلاف سنة ومائة سنة وتسع وثلاثون سنة، وهم لا يذكرون مع ذلك نسبا يعرف فوق جيومرت، ويزعمون أنه آدم أبو البشر، ص وعلى جميع أنبياء الله ورسله.
ثم أهل الأخبار بعد في أمره مختلفون، فمن قائل منهم فيه مثل قول المجوس، ومن قائل منهم إنه تسمى بآدم بعد أن ملك الأقاليم السبعة، وأنه إنما هو جامر بن يافث ابن نوح، كان بنوح ع برا ولخدمته ملازما، وعليه حدبا شفيقا، فدعا الله له ولذريته نوح- لذلك من بره به وخدمته له- بطول العمر، والتمكين في
1 / 18
البلاد، والنصر على من ناوأه وإياهم، واتصال الملك له ولذريته، ودوامه له ولهم، فاستجيب له فيه، فأعطى جيومرت ذلك وولده، فهو ابو الفراس، ولم يزل الملك فيه وفي ولده إلى أن زال عنهم بدخول المسلمين مدائن كسرى، وغلبة أهل الإسلام إياهم على ملكهم.
ومن قائل غير ذلك، وسنذكر إن شاء الله ما انتهى إلينا من القول فيه إذا انتهينا إلى ذكرنا تاريخ الملوك ومبالغ أعمارهم، وأنسابهم وأسباب ملكهم
1 / 19
القول في الدلالة على حدوث الأوقات والأزمان والليل والنهار
قد قلنا قبل إن الزمان إنما هو اسم لساعات الليل والنهار، وساعات الليل والنهار إنما هي مقادير من جري الشمس والقمر في الفلك، كما قال الله ﷿:
«وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» .
فإذا كان الزمان ما ذكرنا من ساعات الليل والنهار، وكانت ساعات الليل والنهار إنما هي قطع الشمس والقمر درجات الفلك، كان بيقين معلوما أن الزمان محدث والليل والنهار محدثان، وان محدث ذلك الله الذي تفرد بإحداث جميع خلقه، كما قال: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» .
ومن جهل حدوث ذلك من خلق الله فإنه لن يجهل اختلاف أحوال الليل والنهار، بأن أحدهما يرد على الخلق- وهو الليل- بسواد وظلمة، وأن الآخر منهما يرد عليهم بنور وضياء، ونسخ لسواد الليل وظلمته، وهو النهار.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان من المحال اجتماعهما مع اختلاف أحوالهما في وقت واحد في جزء واحد- كان معلوما يقينا أنه لا بد من أن يكون أحدهما كان قبل الآخر منهما، وأيهما كان منهما قبل صاحبه فإن الآخر منهما كان
1 / 20
لا شك بعده، وذلك إبانة ودليل على حدوثهما، وأنهما خلقان لخالقهما.
ومن الدلالة أيضا على حدوث الأيام والليالي أنه لا يوم إلا وهو بعد يوم كان قبله، وقبل يوم كائن بعده، فمعلوم أن ما لم يكن ثم كان، أنه محدث مخلوق، وأن له خالقا ومحدثا.
واخرى، أن الأيام والليالي معدودة، وما عد من الأشياء فغير خارج من أحد العددين: شفع أو وتر، فإن يكن شفعا فإن أولها اثنان، وذلك تصحيح القول بأن لها ابتداء وأولا، وإن كان وترا فإن أولها واحد، وذلك دليل على أن لها ابتداء وأولا، وما كان له ابتداء فإنه لا بد له من مبتدئ، هو خالقه
1 / 21
القول في هل كان الله ﷿ خلق قبل خلقه الزمان والليل والنهار شيئا غير ذلك من الخلق قد قلنا قبل: إن الزمان إنما هو ساعات الليل والنهار، وإن الساعات إنما هي قطع الشمس والقمر درجات الفلك.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان صحيحا عن رسول الله ص ما حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- قَالَ هناد: وقرات سائر الحديث على ابى بكر- ان اليهود أتت النبي ص فَسَأَلَتْهُ عَنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَقَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ الأَحَدِ وَالاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ وَمَا فِيهِنَّ مِنْ مَنَافِعَ، وَخَلَقَ يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب، فهذه اربعه، ثم قال: «قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدادًا ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ»، لِمَنْ سَأَلَ قَالَ: وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْمَلائِكَةَ، إِلَى ثَلاثِ سَاعَاتٍ بَقِيَتْ مِنْهُ، فَخَلَقَ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثِ السَّاعَاتِ الآجَالَ مَنْ يَحْيَا وَمَنْ يَمُوتُ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْقَى الآفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وَفِي الثَّالِثَةِ آدَمَ وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ، وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ
1 / 22