The Four Principles in the Qur'an

Abul A'la Maududi d. 1399 AH
44

The Four Principles in the Qur'an

المصطلحات الأربعة في القرآن

ژانرونه

فإذا نظرنا في هاتين الآيتين وأضفنا إليهما ما قد زودنا به التاريخ وآثار الأمم القديمة أخيرًا من المعلومات عن أهالي مصر زمن فرعون، يتجلى لنا أن كلًا من فرعون وآله كانوا يشركون بالله تعالى في المعنى الأول والثاني لكلمة (الرب) ويجعلون معه شركاء من الأصنام ويعبدونها. والظاهر أن فرعون لو كان يدعي لنفسه الربوبية فيما فوق العالم الطبيعي، أي لو كان يدعي أنه هو الغالب المتصرف في نظام الأسباب في هذا العالم، وأنه لا إله ولا رب غيره في السماوات والأرض، ولم يعبد الآلهة الأخرى أبدًا (١)

(١) أن بعض المفسرين قد آثروا قراءة (الهتك) في هذه الآية وجعلوا (إلهة) بمعنى العبادة، ذاهبين إلى أن فرعون كانت دعواه أنه هو رب العالمين وفاطر السماوات والأرض، فيكون معنى الآية على حسب قراءتهم أتترك موسى وقومه ليدعوك ويدعوا عبادتك. إلا أن هناك أمورًا لابد من ملاحظتها. أولها أن قراءتهم تلك شاذة تخالف القراءة الشائعة المعروفة، والثاني أن الغرض الذي قد آثر المفسرون لأجله تلك القراءة الشاذة لا تقوم على أساس. والثالث أنه قد يكون من معاني كلمة (آلهة): المعبودة أو الصنم الأنثى علاوة على معنى العبادة. ومن المعلوم أنه كان إله أهل مصر الأكبر على العموم هو الشمس، وكانوا يعبرون عنها باللغة المصرية بكلمة (رع) . وكان معنى (فرعون) خاف (رع) . أو مظهر (رع) . وعلى هذا كان كل ما يدعي فرعون في الحقيقة هو أنه المظهر المادي لإله الشمس الأكبر، وكفى. (تعليق على الحاشية) قراءة (الاهتك) – بكسر الهمزة – ذكر الطبري في تفسيره ١/٤١ – ٤٢، و٩/١٧ أنها مروية عن أبن عباس ومجاهد، واستضعفها الطبري فقال: "والقراءة التي لا ترى القراءة بغيرها هي القراءة التي عليها قراء الأمصار (أي: آلهتك) لاجماع الحجة من القراء عليها" اهـ وقد روى الطبري تفسير هذه القراءة عن ابن عباس نفسه من وجوه ٩/١٨ فقال "... ويذرك والاهتك: قال: وعبادتك، ويقول: كان يعبد ولا يعبد"، وروى عنه تفسيرها من وجه آخر بمعنى "يترك عبادتك". وهذا الوجه يمكن حمله على أن موسى ﵇ يترك عبادة فرعون، بمعنى أنه لا ينقاد له، ولا يذعن لأمره. وما ارتآه الأستاذ المودودي – حفظه الله – من أن هذه القراءة تحتمل أن تكون بمعنى (الاهة) مؤنث (إله) رواه الطبري أيضًا – وإن كان عاد فاستضعفه – فقال: "وزعم بعضهم أن من قرأ (والاهتك) إنما يقصد إلى نحو معنى قراءة (وآلهتك) غير أنه أنث وهو يريد إلهًا واحدًا". ومما يقوي هذا الوجه – على استضعاف الطبري له – أن المصريين – كما قال الأستاذ المودودي – كانوا يؤلهون الشمس؛ وقد وردت كلمة (الالاهة) في العربية بمعنى (الشمس) ذكر ذلك الطبري نفسه في التفسير ٩/١٨، وساق على ذلك شاهدًا قول بنت عتيبة بن الحارث اليربوعي: تروحنا من اللعباء عصرًا واعجلنا الالاهة أن تؤويا قال: "يعني بالالاهة في هذا الموضع المش" وكذلك ذكرت كتب اللغة من معاني (الالاهة) الأصنام والهلال والشمس: وانظر (القاموس المحيط) و(لسان العرب) في مادة (إله) و(المخصص ٩/١٩) . وروى الطبرسي في (مجمع البيان) ٤/٤٦) عن ابن حسني أنه قال "سميت الشمس الألاهة والإلاهة لأنهم كانوا يعبدونها". وهذا كله مما يدعم رأي الأسناد المودودي – حفظه الله – وينصر قوله.

1 / 44