The Fifth Pillar
الركن الخامس
خپرندوی
دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
د خپرونکي ځای
دمشق- سوريا
ژانرونه
شرع له الحجُّ إلى بيت الله الحرام. وحسبُك من أهمية الوحدة في حياة المسلمين أن ترى كيف أقامَ الله تعالى ثلاث عبادات من أهم العبادات الإسلامية، سبيلًا لوحدتهم، ومرقاةً إلى تعاطفهم وتضامنهم. ولكن أفحقق المسلمون من وراء الحج إلى بيت الله الحرام هذا الهدف الأقدس؟ إذا تلاقى المسلمون في هذه الرِّحاب أيامَ الحج، رأيتَ فيهم بحرًا لا يمكن أن تنفصل قطراته، وسمعت لهم هديرًا لا يمكن - على اختلاف اللغات - أنْ تتخالف نبراته، وهزَّتك منهم عواطف تذيب مما بينهم كل حاجز، وتجمع كل بعيد! .. حتى إذا انتهت المناسك وانفضَّ الحجيج، رأيت أكثر هؤلاء المسلمين قد عادوا شيعًا وأحزابًا، يُعرضون عن الكليات الجامعة من قواعد الإسلام وهديه، ويعكفون على الجزئيات الخلافية من أحكامه وآدابه، يقطعون ذلك المعتصم العريض من طريقهم، ويثيرون سبلًا ضيقة متخالفة أمام أهوائهم. أو رأيتهم يُعرضون عن الاعتصام بالحبل الإلهيِّ الجامع، ليتنازعوا على مغانم الدنيا المفرقة الفانية، يُنيمون نبضات التعلق بالله في قلوبهم؛ ليوقظوا لواعج الحقد والحسد والتهاريج في نفوسهم! .. وتبحث عن البحر المائج حول بيت الله، فإذا هو قد تبخر رذاذًا، وتبحث عن الهدير الجامع والعواطف الحرى، وإذا هو قد استحال إلى صيحات خلاف ودخان بغي وشقاق! .
وإنَّ من أهمِّ حكم الحج إلى بيت الله الحرام أن تنسكب حقائق العبودية لله في نفوس المسلمين من أقرب سبيل فتفيض منها على كياناتهم انصباغًا وسلوكًا. يدور المسلم حول بيتٍ أُقيم من حجارةِ الأرض وترابها، لا يبحث في طوافه حوله عن شيءٍ سوى مرضاة الله تعالى، وهو القائل: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الأنبياء: ٢٩] يناديه ملء قلبه ولسانه: لبيك اللهم حقًا وصدقًا، لبيك اللهم تعبدًا ورِقًّا. قد تجرد عن كل شارة تميزه، وعن كل ثوبٍ يجمله، ليعلن لله تعالى بكل كيانه أنه ليس إلّا عبدًا فقيرًا لله ﷿، لا يعلو
1 / 39