The Doctrine of Belief in Predestination and Decree among the Salaf and its Impact on the Believer
عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر عند السلف وأثرها على المؤمن
ژانرونه
ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه، والصبر الجميل لما ليس لهم عنه بد، وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة، والتجارب والقوة، ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمورًا عظيمة تضمحل معها المكاره، وتحل محلها المسار والأمال الطيبة، والطمع في فضل الله وثوابه، كما عبر النبي ﷺ عن هذا في الحديث الصحيح أنه قال: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له وليس ذلك لأحد إلا المؤمن» (^١).
فأخبر ﷺ أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره (^٢).
٢٠ - من ثمرات الإيمان بالقدر: أن الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك:
فالمجوس زعموا: أن النور خالق الخير، والظلمة خالقة الشر، والقدرية قالوا: إن الله لم يخلق أفعال العباد، فهم أثبتوا خالقين مع الله -جل وعلا - وهذا شرك، والإيمان بالقدر على الوجه الصحيح توحيد لله.
٢١ - من ثمرات الإيمان بالقدر: الإخلاص:
إن جميع الأعمال والأقوال إنما تصح وتكمل بحسب ما يقوم بقلب صاحبها من الإيمان والإخلاص، ولهذا يذكر الله هذا الشرط الذي هو أساس كل عمل، قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ [الأنبياء: ٩٤]، فإذا تأسست الأعمال على الإيمان، وانبنت عليه كان السعي مشكورًا مقبولًا مضاعفًا، لا يضيع منه مثقال ذرة، وأما إذا فقد العمل الإيمان فلو استغرق العامل ليله ونهاره، فإنه غير مقبول، قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)﴾ [الفرقان: ٢٣] (^٣).
(فالإيمان بالقدر يخلص العبد من أن يرضى الناس بسخط الله، وأن يذمهم على ما لم يؤته الله. وأن يحمدهم على ما هو عين فضل الله، فيكون ظالمًا لهم في الأول: وهو رضاهم وذمهم، مشركا بهم في الثاني: وهو حمدهم، فإذا رضى بالقضاء تخلص من ذمهم وحمدهم، فخلصه الرضى من ذلك كله) (^٤).
فالذي يؤمن بالقدر لا يعمل لأجل الناس، لعلمه أنهم لن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له.
(^١) رواه مسلم، كتاب الزهد، باب في أحاديث متفرقة (١٨/ ١٢٥ - شرح النووي). (^٢) ابن سعدي، الوسائل المفيدة للحياة السعيدة، ص ١١ - ١٢، الطبعة الرابعة، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، ١٤٠٩ هـ. (^٣) التوضيح لشجرة الإيمان ص ٧٣ - ٧٤. (^٤) مدارج السالكين (٢/ ٢٢٣).
1 / 31