مرادهم تقرير ما ثبت في القرآن عن المشركين من اعترافهم بالخالق الرازق المدبر لشئون الخلق، فهذا من صفات الربوبية وخصائصها وقد آمن واعترف به المشركون، ثم هذا أيضًا ليس حكمًا عامًا مطردًا على جميع المشركين إذ منهم من وجد عنده حتى الشرك في الربوبية، ومنهم من آمن ببعض خصائص الربوبية دون بعض، ومنهم من كان يؤمن إضافة إلى إيمانه بوجود الله الخالق الرازق بالمعاد وبعث الأبدان والحساب، كما قال زهير:
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ... ليوم حساب أو يعجل فينقم
وبعضهم يؤمن إضافة إلى إيمانه بوجود الله الخالق الرازق بالقدر كما قال عنترة:
يا عبل أين من المنية مهرب ... إن كان ربي في السماء قضاها
ولهذا يقول المقريزي: " ... فأبان سبحانه بذلك أنَّ المشركين إنَّما كانوا يتوقفون في إثبات توحيد الإلهية لا توحيد الربوبية، على أنَّ منهم من أشرك في الربوبية كما يأتي بعد ذلك إن شاء الله"١.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "والمقصود أنَّ كثيرًا من أهل الشرك والضلال قد يضيف وجود بعض الممكنات أو حدوث بعض الحوادث إلى غير الله، وكل من قال هذا لزمه حدوث الحادث بلا سبب، وهم مع شركهم وما يلزمهم من نوع تعطيل في الربوبية لا يثبتون مع الله شريكًا مساويًا له في أفعاله ولا في صفاته"٢.