The Constitution of Ethics in the Quran
دستور الأخلاق في القرآن
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
العاشرة ١٤١٨ هـ
د چاپ کال
١٩٩٨ م
ژانرونه
﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ ١ -فإن الإرادة الإلهية تبدو منظمة في ذاتها، تبعًا لما يتطلبه علم وعدالة معصومين، فهي تتدخل لصالح من يستحق التدخل: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ ٢، ولصالح من يعترف بالفضل: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِين﴾ ٣، والذي يتعطش لتلقيه، فيبدو قلبه أهلًا لاستقباله: ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ﴾ ٤.
أما الذين هم بعكس ذلك، قد أغلقوا الأعين عن النور، وسدوا آذانهم عن النصيحة الطيبة، فإن الله يذرهم في عماهم وصممهم؛ لأن القادر المقتدر لا يتدخل عبثًا مطلقًا: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِين﴾ ٥، ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ ٦.
وموجز القول، أن الله لا يضل إلا الأشرار، ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ ٧، ولا يهدي غير من يرجع إليه: ﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيب﴾ ٨.
والتحفظ الثاني:
أنه في كل هذه الظروف الإيجابية والسلبية لم يقل: إن الإرادة الإلهية تؤثر مباشرة على فعلنا الأخلاقي، وإنها تقيد الإرادة الإنسانية، أو تحل محلها، ذلك أن المنح الإيجابية لفضل الله تحتوي -بداهة- من المساندة قدرًا يحفظ جهدنا. إنها الأجنحة التي تساعد أنفسنا على التحليق. ذلك أن الله ﷿ ييسر لعباده المختارين المهمة تيسيرًا واضحًا، حين
١ النحل: ٩٣، وفاطر: ٨. ٢ الفتح: ٢٦. ٣ الأنعام: ٥٣. ٤ الفتح: ١٨. ٥ الزخرف: ٣٦. ٦ الأنفال: ٢٣. ٧ البقرة: ٢٦. ٨ غافر: ١٣.
1 / 218