192

The Constitution of Ethics in the Quran

دستور الأخلاق في القرآن

خپرندوی

مؤسسة الرسالة

د ایډیشن شمېره

العاشرة ١٤١٨ هـ

د چاپ کال

١٩٩٨ م

ژانرونه

اليقظ، بل بالنسبة إلى الشخص ذاته، بنفس اليقين الذي نتنبأ به بظاهرة طبيعية. غير أن هذا التنبؤ لا يكذبه لدينا فقط واقع تقديرنا للقرار الواجب اتخاذه، وهو ما يبدو عديم الجدوى إذا ظهر أمامنا اتجاه متوقع الحدوث، بل إن القرآن يعلن إلينا أن هذا التنبؤ مستحيل على الفكر الإنساني: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ ١. ولا ريب أن من الممكن أن نخاطر بفرض حول احتمال حدوث حدث ما، وأن نصوغ حكمًا بالاحتمال على أساس سلوكنا السابق، غير أن هذا الحكم سوف يكون حظ إثباته بوساطة الأحداث بقدر ما تستهوينا عاداتنا، ولا يكون قط بقدر ما نلجأ إلى الاستخدام المتنوع لحريتنا. هذا الإدراك الميكانيكي للحالات النفسية، تعارضه معارضة قوية نظرية الحرية عند برجسون. فأفعال الضمير -كما يقول برجسون- لا توجد متفاصلة، ولا تبقى برانية، بعضها بالنسبة إلى بعض. فمتى ما بلغت عمقًا معينًا تتداخل، وتمتزج، وكل منها يعكس النفس بأكملها. فمن المستحيل إذن أن نطبق عليها مبدأ السببية، الذي يفترض وجود حدين متميزين، هما السبب والنتيجة. ومن ناحية أخرى: هذه الأفعال الجوانية لا تظل مماثلة لذواتها، فمجرد بقائها وحده يعني أنها تتغير، وتتطور كأي كائن حي، ولا ترجع بعد إلى وضعها الأول. وعلى هذا النحو فإن نفس السبب، إن وجد سبب، لا يمكن أن يظهر مرات عديدة، وإذا كان يعطي نتيجته مرة واحدة، فلن يعيدها بعد ذلك أبدًا. بيد أن لنا ملاحظة، هي أن هذه النظرية لم تستطع تخليص إراداتنا من

لقمان: الآية الأخيرة.

1 / 189