138

The Compendium of Prayer Rules

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

ژانرونه

بقي الحديث الأول، وهو الذي رواه البخاري وغيره من طريق جابر، هذا الحديث لا يصلح للاستشهاد به على جواز الانتفاع بالنجس بل هو على العكس من ذلك تمامًا. الحديث يقول «إن الله ورسوله حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل يا رسول الله: أرأيت شحوم الميتة فإنه يُطلى به السفن ويُدهن به الجلود ويَستصبحُ به الناس، فقال: لا هو حرام» نظروا في الحديث وتساءلوا: هل الضمير (هو) في قوله (هو حرام) راجع إلى البيع (إن الله ورسوله حرَّم بيع)، أم هو راجع إلى الانتفاع (يُطلى ... يُدهن ... يَستصبح)؟ فقالوا: الظاهر أن مرجع الضمير للبيع، لأنه المذكور صريحًا والكلام فيه، ويؤيد ذلك قوله في آخر الحديث (باعوه) ومن قال إن الضمير يرجع إلى البيع، قال بجواز الانتفاع بالنجس مطلقًا، ولكن فقط يحرم بيعه. ويستدل أيضًا بالإجماع على جواز إطعام الميتة للكلاب، وقالوا: إذا كان التحريم للبيع جاز الانتفاع بشحوم الميتة والأدهان المتنجسة في كل شيء غير أكل الآدمي ودهن بدنه، فيحرمان كحرمة أكل الميتة والترطُّبِ بالنجاسة. هكذا قالوا، وهكذا استدلوا واستشهدوا، ولكن الناظر في النص يتبين خطأ هذا الاستدلال لما يلي: أ - إن الضمير لغةً يعود إلى أقرب اسم، وليس إلى أبعده، والأقرب هنا هو ما جاء من ألفاظ تفيد الانتفاع (يُطلى ... يُدهن ... يَستصبح) وليس لفظةَ البيع التي هي أبعد كلمة في النص. ب - إن قولهم الضمير يعود إلى البيع لأنه المذكور صريحًا قول غير دقيق، لأن الشحوم وما اتصل بها من أفعال هي أيضًا صريحة. ج - إننا لو فسرنا الحديث على ضوء عودة الضمير إلى البيع لما أفاد القول الأخير شيئًا، لأن شحوم الميتة تابعة للميتة في حكم تحريم البيع لأنها منها، في حين أن تفسيره على ضوء عودة الضمير إلى الشحوم يفيد معنى جديدًا، وهذه الإضافة أولى من إلغائها.

1 / 138