204

The Clear Statement on the Biography of the Master of the Messengers

القول المبين في سيرة سيد المرسلين

خپرندوی

دار الندوة الجديدة بيروت

د خپرونکي ځای

لبنان

ژانرونه

وقد أكد الله ﷿ الأمر بالتولية إلى الكعبة في آية ثانية، فقال: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ ١. وقد أفادت هذه الآية فائدة جديدة، وهي أن الله يؤكد لرسوله ﷺ أن الأمر بالتوجه إلى المسجد الحرام هو الحق الذي أراده الله لحكمة وفائدة جرت بها مشيئته. ثم كرر الأمر بالتوجه إلى المسجد الحرام في آية ثالثة وضحت فيها الحكمة التي أرادها الله من هذا الأمر، الذي تبلبلت فيه أفكار ضعفاء الإيمان والسفهاء من الناس، فقال سبحانه: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ ٢. فقد أفادت هذه الآية في وضوح وصراحة أن الحكمة التي أرادها الله من أمره المسلمين بالتوجه إلى الكعبة هي أن يقطع الحجة على هؤلاء الناس -وهم الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى- فلقد كان اليهود يقولون عن أوصاف الرسول المذكورة في التوراة: إنه يتحول إلى الكعبة ... كانوا يقولون ذلك في الفترة التي كان الرسول ﷺ فيها متجهًا إلى بيت المقدس ... ولذا كان اتجاه الرسول ﷺ إلى الكعبة بعد ذلك مؤيدا لما كان مسطورا في كتابهم، وكان النصارى يقولون عن محمد ﷺ أيام توجهه إلى بيت المقدس: ما باله يدَّعي ملَّة إبراهيم ويخالف قبلته؟

١ سورة البقرة، الآية ١٤٩. ٢ سورة البقرة، الآية ١٥٠.

1 / 207