كتاب الاستئذان
باب السلام اسم من أسماء الله تعالى
فيه حديث عبد الله بن مسعود [٨: ٦٣، ٢٠]:
(كنَّا إذا صلَّينا مع النَّبيِّ ﷺ قلنا: السَّلام على الله قبل عباده، السَّلام على جبريل، السَّلام على ميكائيل، السَّلام على فلانٍ، فلمَّا انصرف النَّبيُّ ﷺ أقبل علينا بوجهه فقال: «إنَّ الله هو السَّلام فإذا جلس أحدكم في الصَّلاة فليقل: التَّحيَّات لله ...») إلخ.
يظهر منه أن النبي ﷺ علَّمهم أن يحيُّوا في تشهدهم الله تعالى والملائكة، فوضعوا كلمات اصطلحوا عليها فقالوها أو قالها بعضهم، فلما سمعها النبي ﷺ قال لهم ما قال وعلَّمهم ما يقولون.
فقوله ﷺ: «إن الله هو السلام» صدر مصدر التخطئة لهم في قولهم: «السلام على الله» بقرينة قوله بعده: «فليقل: التحياتُ للهِ» ... إلخ.
ويشكل هذا إشكالًا عظيمًا؛ لأنه إذا كان لفظ «السلام» مستعملًا في كلام العرب بمعنى التحية فلا يظهر وجه للعدول عنه إلى لفظ التحية مع أنهما مترادفان في الاستعمال، وكون السلام اسمًا من أسمائه تعالى لا يقتضي عدم إطلاقه على معنى التحية لله، غاية ذلك أنه من استعمال المشترك في بعض معانيه؛ وذلك ليس بعزيز في استعمال اللفظ المشترك وليس هناك تعارض؛ بمعنى لا يليق بالله تعالى حتى يكره لأجله هذا الاستعمال.
وقد سكت الكاتبون عن بيان معنى هذا الحديث، والذي بدا لي في دفع هذا الإشكال: أن لفظ «السلام» الواقع في التحية لا يتعدى إلا بحرف (على)، فهو منقول من المصدر الذي هو بمعنى الأمن والمسالمة الذي جعل نائبًا عن الفعل لإنشاء التحية، فأصله أن المار بقوم يؤمنهم من بأسه فيقول لهم: السلام عليكم، أي عليكم الأمان، وإن العرب كانوا أهل حرب وترات، فإذا رأى أحدهم أحدًا لا يعرفه لم يدْر ماذا يلاقي منه، فاصطلحوا أن يقولوا: السلام عليكم، تأمينًا من بعضهم لبعض، فكان قولهم: «السلام على الله» موهمًا بأصل تركيبه: أن قائله