النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

محمد طاهر ابن عاشور تونسي d. 1393 AH
147

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

خپرندوی

دار سحنون للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

د خپرونکي ځای

دار السلام للطباعة والنشر

ژانرونه

اصطلاح الشريعة في قوله تعالى: [الأحزاب: ٤٥]، وقوله: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٤٧] ونحو ذلك. وقد كان القوم جفاة وحريصين على الدنيا، فبادروا بما دل على حرصهم، وعلى أنهم أعرضوا عن الغرض الذي جاؤوا لأجله من الإسلام والتفقه في الدين إلى طلب العرض العاجل، وحملوا البشرى على معنى الوعد بالعطاء، وذلك أن لفظ البشرى يستعمل عند العرب في الوعد القريب بالعطاء وطمأنة السائل بقرب عطائه. وقد تقدم في حديث أبي موسى الأشعري في غزوة أوطاس: (أتى أعرابي النبي ﷺ فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: «أبشر ....») إلخ. ومنه ما في حديث عمرو بن عوف أن (أبا عبيدة قدم بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه فوفوا صلاة الصبح مع رسول الله ﷺ، فلما انصرف من الصلاة تعرضوا له فتبسم وقال: أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة وأنه جاء بشيء؟ قالوا: أجل، قال: «فأبشروا وأملوا ما يسركم ...») إلخ [٤: ١١٧، ١٤]. وقد بقيت هذه الكلمة مما بقي من فصيح الكلام في بيان أهل تونس؛ إذا وقف سائل على أبوابهم وكان عندهم ما يعطونه يقولون له: (أبشر)، كيلا ينصرف. وتكون كلمة (أبشر) في الوعد بالنجدة العاجلة كما ورد في حديث قسمة أموال هوازن (أن رسول الله ﷺ نادى: «يا معشر الأنصار» فأجابوه: لبيك أبشر نحن بين يديك)، فلما لم تنصرف أفهام بني تميم إلى المعنى المقصود من البشرى كره منهم رسول الله ﷺ ذلك، وبشر أهل اليمن بتلك البشرى، فسبق لهم الفوز. فما كانت كراهية رسول الله ﷺ لما بدر منهم إلا غضبًا من أجل قلة حرصهم على الفوز في الآخرة، وإلا فقد كان رسول الله يجيز الوفد ويحب العطاء ويسخو بما عنده، فأراهم الغضب وصرف البشارة إلى غيرهم تربية لنفوسهم، فلا يتنافى هذا مع ثنائه عليهم الوارد في هذا الباب. * * ووقع في حديث أبي هريرة ﵁[٥: ٢١٢، ٢٠]: (وجاءت صدقاتهم، فقال: «هذه صدقات قوم» أو «قومي»).

1 / 151